نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: بين حماية المدين وتهميش الدائن: أين العدالة؟ - تليجراف الخليج اليوم الأحد الموافق 29 يونيو 2025 02:46 مساءً
كتب وسام السعيد - في خضم التعديلات القانونية الأخيرة، التي ألغت الحبس التنفيذي بحق المدينين، حظي المدين بتعاطف واسع من الشارع والجهات الرسمية، وجرى تقديمه باعتباره الطرف الأضعف الذي يحتاج إلى حماية القانون.
لكن ما لم يتم التوقف عنده مليًا، هو أن هذا القرار ــ رغم نيّته النبيلة ــ أسفر عن ولادة شريحة جديدة من المتعثرين: الدائن نفسه. المورّد، التاجر، المقاول، والمستثمر، ممن منحوا ثقتهم في السوق، أو موّلوا سلعًا وخدمات، أو باعوا بالآجل، وجدوا أنفسهم فجأة أمام واقع قانوني لا يمكّنهم من تحصيل حقوقهم، ولا يضمن لهم الحد الأدنى من الردع.
وبفعل ذلك، تحول كثير منهم إلى ضحايا لتعثر غيرهم، دون أن يكون لهم وسيلة فاعلة للمطالبة بحقوقهم. الأمر لم يقتصر على ضياع الحقوق، بل تعداه إلى ملاحقة هؤلاء الدائنين من قبل البنوك، أو من دائنيهم الآخرين، أو اضطرارهم إلى الإغلاق وتسريح الموظفين، بسبب اختلال منظومة السداد.
انقلاب على مفهوم الالتزام ما يجري اليوم لا يُعد فقط خللاً قانونيًا، بل هو انقلاب صريح على مفهوم الالتزام، وتشويه لمبدأ العدالة، الذي يفترض أن يحمي الطرفين معًا، لا أن ينحاز لطرف دون الآخر.
العدالة لا تعني إفلات المدين من المسؤولية بشكل مطلق، ولا أن يُترك الدائن يصرخ في الفراغ، في وقت يُقابل فيه صوت المدين بالاستجابة الفورية. ما الذي نطالب به؟ لسنا ضد حماية المدين الحقيقي المتعثر، بل على العكس، نؤكد أن الكرامة الإنسانية فوق كل اعتبار. لكننا في المقابل، نطالب بعدد من الخطوات الجوهرية التي تضمن التوازن والعدالة، ومنها:
التمييز بوضوح بين المدين المتعثر والمدين المتهرب، وتفادي أن يتحول القانون إلى أداة للمراوغة أو التحايل.
تطوير آليات تنفيذ بديلة وفاعلة لتحصيل الحقوق، تشمل سرعة الفصل في القضايا، الجدية في التحصيل، والحجز على الأموال والممتلكات.
دعوة إلى مراجعة القانون بشفافية وتوازن، بعيدًا عن الضغط الإعلامي أو الشعبوية، وبمشاركة ممثلي القطاعات التجارية والمالية المتضررة. التحذير من الآثار الاقتصادية المتراكمة، مثل فقدان الثقة في البيئة الاستثمارية، وتراجع الإقراض، وانتشار الفوضى في الالتزام المالي.
العدالة المتوازنة لا تعني الظلم لأي طرف إن المطالبة اليوم ليست بإعادة سجن المدين، بل بإعادة العدالة المتوازنة، التي تحفظ كرامة المدين، وتحمي في الوقت ذاته حقوق الدائن.
لا يجوز أن تتحول حماية أحد الطرفين إلى إعدام للآخر.
المطلوب ليس الوقوف مع طرف ضد آخر، بل بناء منظومة قانونية متوازنة تحفز على الوفاء بالالتزامات، وتضمن الحماية للجميع، وتعيد الثقة إلى بيئة الأعمال.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق