شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: ترامب مستعجل: اتفاق في غزة وصفقة في لبنان؟ - تليجراف الخليج ليوم الاثنين 30 يونيو 2025 04:28 صباحاً
لا شك ان شخصية الرئيس الاميركي دونالد ترامب تحمل الكثير من المعطيات التي تجعل من شبه المستحيل التوافق على رأي واحد حولها، فهو شخص مليء بالتناقضات، ولا يقيم للدبلوماسية اي وزن، وبعيد كل البعد عن الكياسة واخفاء الاسرار في ما يتعلق بالعلاقات السياسية والدبلوماسية بين رؤساء وقادة الدول اي بمعنى آخر قرر نفي البروتوكول المعتمد عادة في التعاطي بين الرؤساء حتى ما بعد انتهاء ولايته الرئاسية.... ولكن، رغم كل ذلك، واذا كنت تؤيد اسلوبه ام لا، لا يمكن لاحد ان ينفي ان ما يقوم به الرجل يعطي ثماره، ربما خوفاً من "جنونه"، وربما خوفاً من "سلطته"، ولكن الثمار موجودة وغير خفية على احد.
خفف ترامب من حدة النزاع بين روسيا واوكرانيا، وعلى الرغم من انه لم يحقق ما وعد به بانهاء الحرب خلال ايام، الا ان مقاربة كل من روسيا واوكرانيا لها قد تغيّرت. وكانت وساطته من جهة ثانية، اساسية في انهاء التوتر العالي الذي ساد بين الهند وباكستان وهدد باندلاع مواجهات ساخنة بينهما تصل الى حدود الحرب. اما في ما خص الحرب بين اسرائيل وايران، فكان حاسماً في انهائها بلهجة قاسية، بعد 12 يوماً فقط على اندلاعها، فيما اعتقدت غالبية الناس انها ستكون حرباً طويلة وقد تكون الفتيل الذي يشعل الحرب العالمية الثالثة.
وكي لا نستفيض بالاكلام عن امور باتت معروفة، ها هو ترامب يوحي ويعمل بجدية هذه المرة على ما يظهر، للوصول الى اتفاق في غزة، وهو يضغط بفاعلية على المسؤولين الاسرائيليين في هذا السياق، كما يضغط بطريقة غير مباشرة على "حماس" (عبر القطريين والمصريين والاتراك) لملاقاته في مشروعه. اما في لبنان، فكما بات معروفاً، سيصل المبعوث الاميركي السفير توماس برّاك ومعه رد ترامب على المقترحات التي تسلمها من المسؤولين اللبنانيين خلال الزيارة الاخيرة التي قام بها، وستتضح الصورة اكثر فأكثر حول مستقبل الوضع في هذا البلد. ووفق التسريبات والتحليلات، فإن برّاك كان متقبّلاً لفكرة "المبادلة" بين لبنان واسرائيل، اي انه اقتنع بفكرة ان نزع سلاح حزب الله (او تسليمه) من دون مقابل، هو امر بالغ الصعوبة والتعقيد، ويحرج رئيس الجمهورية ومن ينادي معه بحصول التغييرات المطلوبة، كما ان انسحاب اسرائيل من دون مقابل ايضاً سيرتد سلباًعلى المسؤولين هناك، وهو ما لن يقبلوا به. من هنا كانت مقاربة "الخطوة مقابل خطوة"، وهي تشمل ليس فقط تسليم السلاح، انما ترسيم الحدود، تمهيداً للحديث عن اتفاق دائم لاطلاق النار، وربما بعدها جس النبض حول التطبيع، في خطوة لاحقة. ووفق ما يدور من احاديث في هذا الشأن، فليس معروفاً بعد اي خطوة ستكون الاولى، اي انه اذا بدأ الحديث عن تسليم السلاح، فلا شك ان الحديث مع الاسرائيليين سيكون عن انسحابات من لبنان، وبعد انتهاء هذه الخطوات، قد تشمل بوادر حسن النية الافراج عن اسرى لبنانيين، على ان تستكمل الخطوات في هذا المجال مقابل الحصول على امور ملموسة لجهة انهاء الجناح العسكري لحزب الله والاكتفاء بالجناح السياسي (وجوده كحزب وفي مجلسي النواب والوزراء).
وبالتالي، من الطبيعي ان يتأخر البحث في مسألة ترسيم الحدود البرية، والتي تؤثر بكل مباشر على الحدود البحرية على الرغم من الاتفاق الذي تم التوصل اليه سابقاً في هذا المجال، والنقطة المتنازع عليها (B1) التي اما سيؤول الاتفاق عليها اما الى اعادة النظربكل الترسميات التي حصلت، واما ابقاء الامور على ما هي عليه، علماً ان الخرائط والوثائق القديمة تظهرانها لبنانية بالفعل.
عمل دبلوماسي شاق ينتظر لبنان، ولكن الايجابية تكمن في ان الاميركيين باتوا اكثر تفهماً اليوم للوضع اللبناني عما كانوا عليه في السابق، وانه اذا استمر برّاك في حمل هذا الملف، فقد يستفيد لبنان من هذا الوضع (تسلّم برّاك هويته اللبنانية منذ مدة كونه مولود من ابوين لبنانيين، وهو يبلغجميع من التقاهم اعتزازه بلبنان وبأصوله اللبنانية). لا يعني هذا الامر ان برّاك سيكون متحيزاً للبنان ضد اسرائيل، فهذا مجرد حلم غير قابل للتحقيق، انما التعبير الدقيق هو "اكثر تفهماً"، ومن الواضح انه يجب البناء على هذا الامر للحصول على اكبر قدر من المكاسب.
0 تعليق