ابتكر باحثون في معهد الذكاء الاصطناعي المُركّز على الإنسان في هيلمهولتز ميونيخ نموذجاً متقدماً من الذكاء الاصطناعي يُدعى "سنتور" (Centaur)، يتمتع بقدرة فائقة على التنبؤ بالسلوك البشري في التجارب النفسية، متفوقًا على نماذج تقليدية ظلت سائدة لعقود.

وقد درّب العلماء هذا النموذج على بيانات ضخمة تضم أكثر من 60 ألف شخص اتخذوا ما يزيد على 10 ملايين قرار في مواقف متنوعة، مما مكنه من التعلّم من أنماط التفكير واتخاذ القرار البشري. والنتيجة: ذكاء اصطناعي يستطيع التنبؤ بخطوة الإنسان التالية بدقة مدهشة، سواء أكان القرار بسيطًا كاختيار وجبة، أم معقدًا كاستراتيجية تعلّم أو استكشاف.

وبحسب تقرير نشره موقع "Study Finds"، أظهر "سنتور" قدرته على محاكاة سلوك الإنسان بواقعية كبيرة في المحاكاة الرقمية، بل وحقق نتائج تعكس نفس أنماط التردد وعدم اليقين التي تميز اتخاذ القرار البشري. وفي اختبارات تتعلق بالاستكشاف والتعلم، أظهر أداءً موازياً لأداء البشر.

لكن المفاجأة الأكبر تمثلت في التوافق العصبي: عند مقارنة النشاط الداخلي للنموذج مع بيانات التصوير الدماغي لأشخاص يؤدون نفس المهام، وُجد أن "سنتور" يعكس نمطًا من التفكير أكثر انسجامًا مع الدماغ البشري مقارنةً بنماذج الذكاء السابقة، رغم أنه لم يُدرَّب خصيصًا على محاكاة النشاط العصبي.

هذا التقدم يفتح آفاقًا واعدة في ميادين التسويق والتعليم والصحة النفسية، إلا أنه يطرح أيضًا تساؤلات حرجة بشأن الخصوصية، إذ يُمكن لهذا الذكاء الاصطناعي أن يستخلص من البصمة الرقمية للمستخدمين معلومات دقيقة عن قراراتهم ونواياهم، بشكل غير مسبوق.