محترفو تلحيس الأصابع - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: محترفو تلحيس الأصابع - تليجراف الخليج اليوم الاثنين الموافق 14 يوليو 2025 11:45 صباحاً

اتيحت لي فرصة للقاء ديفيد غيرو النائب عن حزب فرنسا الابية خلال زيارة قام بها للاردن مع بدايات طوفان الاقصى.

كان اللقاء فرصة للاطلاع على حضور الحزب في الحياة السياسية الفرنسية، ومنطلقاته في الدفاع عن قضايا تخص شعوبنا بدء من قضية فلسطين ومرورا بقضايا المهاجرين الى فرنسا، والتعرف على رؤيتهم لتطورات الاوضاع في بلادنا، ولم يخل الامر من رغبة في الوقوف على مآلات اليسار الفرنسي.

في المقابل كان الرجل حريصا على تكوين وجهة نظر حول الاوضاع في بلادنا ورؤيتنا لمستقبل الصراع الذي تخوضه شعوبنا ضد الكيان الصهيوني والغرب الاستعماري.

لفت نظري خلال الحديث استفساره عن الطبيعة الدينية لحركة حماس واحتمالات مساهمتها في نشر التطرف، وجدت ان من واجبي توضيح بعض النقاط الغامضة لديه، كي لا يُستثمر الغموض من قبل ابواق الكيان.

استندت في توضيحاتي الى اختلاف حماس كحركة تحرر وطني عن الحركات التي ظهرت على هامش الحرب التي استهدفت الوجود السوفيتي في افغانستان وتجلياتها اللاحقة التي كانت المخابرات المركزية الامريكية "سي اي ايه" في صلبها.

اقتضت الضرورة بطبيعة الحال الحديث عن حضور الدين في حركة التحرر الفلسطينية منذ بدايات نشوء القضية الفلسطينية ووجدت مظاهر عديدة بالامكان الاستناد اليها في مثل هذه الحالات.

من بين هذه المظاهر ان الحاج امين الحسيني الذي قاد حركة التحرر الفلسطيني في مرحلة مبكرة من الصراع مع الكيان الصهيوني كان رجل دين بعمامة، مما اكسبه شرعية دينية الى جانب الشرعية الوطنية، وما زال الرجل يشكل حالة خلافية بعد مرور عقود على وفاته لكنه مات محافظا على ثوابت قضيته.

الشيخ عز الدين القسام كان شخصية دينية استطاعت استثمار حضور الدين بين الفلاحين الفلسطينيين لاشعال الثورة، كما كان يطلق على قادة فصائل ثورة 1963صفة الشيخ لاضفاء الطابع الديني على السياسي، مما يعني حضور الدين في السياسة خلال مرحلة تتعامل معها اجيال الفلسطينيين باعتبارها صفحة مشرقة من تاريخها.

وكان الدين حاضرا بشكل او بآخر في انبعاث الحركة الوطنية الفلسطينية خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، جاء معظم قادة حركة فتح من تشكيلات الاخوان المسلمين، وبرز رجال دين من المسيحيين في صفوف المقاومة.

الخلاصة التي انتهيت اليها ان الدين لم يكن غريبا في يوم من الايام عن الحركة الوطنية الفلسطينية، حتى في اوج التيارات الماركسية والقومية وحضورها في الشارع، وقبل ظهور تيارات التطرف الديني، مما يسقط مبررات الربط بين الحالتين، ويفرض فهما مختلفا لحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين.

في محاولة لتقريب الفهم اشرت الى مسألة اعتقدت باهميتها، وهي امكانية المقاربة بين حضور الدين في حركة التحرر الفلسطينية ولاهوت التحرير الذي ظهر في اميركا اللاتينية، مع التسليم بالفروقات الناجمة عن الظروف وديناميكية التطور.

استمع النائب غيرو باهتمام لاشاراتي الى ان حضور الدين في السياسة ياتي نتيجة لحضوره في حياة البشر، لا اعرف مدى قناعته بما قلته، لا سيما وانني ادرك بانه استمع من غيري قبل ذلك اللقاء وبعده، لكني اعتقد بان عداء الغرب لشعوبنا لم يأت بفعل الدين بقدر ما هو ناجم عن مصالح استعمارية، علمنا التاريخ ان عواصمهم تقف على الدوام ضد افكار التحرر الوطني، سواء كانت دينية او وضعية، طالما تهدد بانهاء التبعية والهيمنة.

 محاربة حركة التحرر الوطني في مرحلتنا الراهنة تتطلب دمغها بالتطرف الديني، ومن خلال هذه الدمغة يمكن اظهارها بانها حالة عدوانية وليست مشروع المعتدَى عليه او الساعي لنيل حريته، وتقديمها للعالم باعتبارها احدى ظواهر العصور البائدة التي تهدد الدور الحضاري  لغرب استعماري لا يخجل من التعبير عن وحشيته.

معظم مؤتمرات وندوات التطرف الديني التي يجري تنظيمها في المنطقة وخارجها  يندرج في سياق هذه الحروب الهادفة لحرف البوصلة، من خلال تعويم وشيطنة فكرة حركة التحرر التي تمثلها حماس  ومثيلاتها في فلسطين و لبنان والعراق واليمن، بمشاركة يساريين عرب وربما تحريفيين شيوعيين ـ بعضهم يدعي الاستمرار في يساريته وشيوعيته ـ احترفوا تلحيس الاصابع ، حتى لو كانت ملوثة بالقطران الامريكي.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق