نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: من هو الشيخ حكمت الهجري؟ سيرة الدرزي الذي اصبح رمزاً للحرب في سوريا - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 09:02 مساءً
"بيان مذل فُرض علينا"، بهذه الكلمات عبّر الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، عن رفضه لبيانٍ سابق نُسب إليه ووُزّع باسمه صباح يوم الثلاثاء الماضي، أبدى فيه ترحيبه بما وصفه بـ"تدخل الحكومة السورية" في محافظة السويداء.
وفي تصريحات جديدة أدلى بها الهجري لوسائل إعلام محلية ودولية، شن هجوماً حاداً على السلطات السورية، متهمًا إياها بـ"نكث العهد والوعد"، واستمرار "القصف العشوائي على المدنيين العزل"، مشيرًا إلى أن الطائفة الدرزية "تتعرض لحرب إبادة شاملة".
وجاءت هذه التصريحات في ظل تصعيد متبادل بين مقاتلين دروز وفصائل موالية للحكومة في مناطق متفرقة من الجنوب السوري، خصوصاً في ريفي دمشق والسويداء، أسفرت الاشتباكات خلال الأيام الماضية عن مقتل نحو 100 شخص من الطرفين، بحسب تقديرات أولية.
من فنزويلا إلى مشيخة العقل: سيرة قائد روحي في المواجهة
ولد الشيخ حكمت الهجري عام 1965 في فنزويلا، حيث كان والده يعمل هناك، قبل أن يعود مع عائلته إلى سوريا ليستقر في مدينة السويداء. أكمل تعليمه الثانوي في المحافظة، ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق وتخرج منها عام 1990.
نشأ الهجري في بيئة دينية محافظة، وكان له دور بارز في الحياة الدينية والاجتماعية للطائفة الدرزية، وقد تدرج في المرجعيات الدينية حتى خلف شقيقه أحمد الهجري في منصب "مشيخة العقل" عام 2012، بعد وفاة الأخير في حادث سير غامض أثار وقتها الكثير من الجدل.
التحول من الحذر إلى المعارضة الصريحة
في بداياته، تميز موقف الشيخ حكمت الهجري من النظام السوري بالتحفظ وعدم الانحياز المباشر، لكن مع مرور الوقت، بدأ يتخذ مواقع أكثر انتقاداً للسياسات الحكومية، خاصة بعد ما وصفه بـ"إهانته اللفظية" من ضابط أمني في اتصال هاتفي عام 2021، الأمر الذي أثار موجة غضب واسعة في صفوف أبناء الطائفة الدرزية وأدى إلى تنظيم احتجاجات في السويداء.
في مقابلة مع بي بي سي في يناير/كانون الثاني الماضي، أعرب الهجري عن موقف "منفتح" تجاه المرحلة الجديدة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، مؤكداً استعداده للتعاون مع الحكومة الجديدة لتحقيق انتقال سياسي سلمي، ودعا إلى تشاركية حقيقية بين جميع مكونات الشعب السوري، وإعادة هيكلة الجيش الوطني ليكون ممثلاً لكل السوريين.
لكن هذا الموقف بدأ يتغير بشكل جذري مع تصاعد التوترات الأمنية في مناطق ذات غالبية درزية، خصوصاً في جرمانا وأشرفية صحنايا، حيث شنّت قوات موالية للحكومة عمليات عسكرية واسعة، أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين المسلحين وغير المسلحين، مما دفع بالهجري إلى تحميل الحكومة كامل المسؤولية، ومطالبة المجتمع الدولي بتوفير حماية دولية لأبناء طائفته.
دعوة إلى الفيدرالية ورفض خطاب الأغلبية والأقلية
مع تصاعد وتيرة العنف، تصاعدت لهجة الهجري ضد الحكومة، ووصلت إلى حد المطالبة بتدويل القضية الدرزية، ووصف مشروع الدستور الجديد بأنه "غير منطقي"، داعياً إلى إعادة صياغته على أسس ديمقراطية تضمن التشاركية الحقيقية.
كما لم يتردد في انتقاد ما وصفه بـ"المجازر التي تُعاد اليوم لتذكرنا بجرائم تنظيم داعش"، مشيراً إلى أن ما يجري هو "قتل منهجي وموثق يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً"، وأن أبناء الطائفة الدرزية ليسوا "داعمة للانفصال"، بل يطالبون بـ"مشاركة حقيقية في بناء دولة فيدرالية ديمقراطية تصون كرامة السوريين وتضمن أمنهم".
موقف مثير من إسرائيل يكسر النمط التقليدي
في تصريح لافت، قال الهجري في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في مايو/أيار الماضي إن "إسرائيل ليست العدو"، وهو موقف يتناقض مع الخطاب الرسمي السوري الذي اعتاد على تبني شعارات معادية لدولة إسرائيل عبر العقود الماضية.
وأضاف: "عشنا تحت هذه الشعارات لعقود. في سوريا، يجب أن نهتم فقط بالقضية السورية"، في إشارة إلى أنه يرى أن الأولوية الآن هي لإصلاح الداخل السوري وليس للمواقف الجيوسياسية التقليدية.
ردود فعل داخلية وتحليلات سياسية: انقسام أم تعبير عن أزمة؟
ويرى الكاتب والباحث السوري جمال الشوفي أن دعوة الهجري إلى التدخل الدولي جاءت "دون تمحيص سياسي كافٍ"، واصفاً إياها بأنها "غير موفقة"، ويضيف: "التجربة السورية أثبتت أن المجتمع الدولي غير مستعد لتبني أي مطلب تدولي بخصوص سوريا بسبب تضارب المصالح الكبرى حول مستقبل البلاد".
وأشار الشوفي إلى أن موقف الطائفة الدرزية من الحكومة السورية ليس موحداً، فالبعض يميل إلى التهدئة ووقف الخطاب التحريضي، بينما يرى آخرون أن المواجهة ضرورية لحماية حقوق الطائفة.
من جانبه، أكد الباحث إسماعيل أبو عساف أن الخلافات بين القيادات الدينية الدرزية ليست "جوهرية"، بل هي نتيجة "تراكمات سياسية غذّاها النظام السابق بهدف تقسيم الصف الدروزي وإضعاف استقلالية القرار الديني"، معتبراً أن "الدولة التي تخلّت عن دورها في بناء مؤسساتها، هي المسؤولة الأولى عن تأجيج المواقف وتفاقم الأزمات".
هل توحد الدماء الصفوف؟
في المقابل، برز موقف مختلف لعدد من القيادات الدينية الأخرى، مثل الشيخين حمود الحناوي ويوسف الجربوع، اللذين أصدرا بياناً مشتركاً باسم "مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز"، أكد فيه على "التمسك بالوحدة الوطنية ونبذ الفتنة"، وشدد على أن أبناء الطائفة الدرزية "جزء لا يتجزأ من الوطن السوري الموحّد"، ورفضا أي دعوات للتقسيم أو الانفصال.
ويبدو أن التصعيد الحالي يعكس حالة من الغضب والاحتقان داخل المجتمع الدرزي، خاصة بعد تصاعد أعمال العنف وسقوط العديد من الضحايا المدنيين، في ظل غياب ضمانات واضحة من الحكومة لوقف الانتهاكات وحماية المدنيين.
وبين المطالبات بالفيدرالية والدعوات إلى التهدئة، وبين الرغبة في الحفاظ على وحدة سوريا من جهة، والشعور بالتهميش من جهة أخرى، يبقى مستقبل العلاقة بين الطائفة الدرزية والحكومة السورية رهناً بمدى استجابة الطرفين لنداء الحوار ومنع المزيد من التصعيد.
0 تعليق