نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الإدارة الفعالة للمؤسسات الصحية ودورها في تقدم النظام الصحي - تليجراف الخليج اليوم الخميس الموافق 17 يوليو 2025 01:31 صباحاً
إن الدور الرئيسي للنظام الصحي الناجح هو المحافظة على صحة السكان وحمايتهم من الأمراض المعدية والمزمنة وتوفير الرعاية الصحية لهم بمستوياتها الأولية والثانوية والثالثية بطريقة فعّالة وآمنة وعادلة وبجودة عالية وبأقل تكلفة ممكنة. تعتبر المنظمات الصحية كما وصفها ابو الإدارة الحديثةPeter Drucker من اكثر الأنظمة الإجتماعية تعقيدا على وجه الأرض، ولذلك لا يمكن إدارتها بطريقة التجربة والخطأ وإنما تحتاج الى إدارات متخصصة ذات خبرة عالية .
على الرغم من النجاح الذي حققه النظام الصحي في الأردن في مجال مكافحة الأمراض المعدية والمزمنة وانخفاض معدلات الوفيات وارتفاع معدل العمر المتوقع للفرد واحتلاله مواقع متقدمة في الطب الثالثي المتخصص والسياحة العلاجية ووجود نظام وطني لإعتماد المؤسسات الصحية ، إلا أن هذا القطاع لا زال يعاني من مشاكل وتحديات كثيرة اهمها :ضعف الحوكمة والإدارة وتعدد وتشظي الجهات الحكومية التي تدير وتقدم الخدمات الصحية واعتماده على النموذج الطبي التقليدي الذي يركز على المرض ولا يأخذ بمفهوم الطب الشمولي الإستباقي الذي يركز على الجانب الوقائي والمحافظة على الصحة Illness vs. Wellness Model وتشوبه الكثير من اوجه عدم العدالة في التغطية الصحية الشاملة والاستخدام غير الفعال للموارد المتاحة وصعوبة الاحتفاظ بالكوادر البشرية المدربة وهجرتهم وعدم رضا متلقي الخدمه عن جودة الخدمات الصحية وارتفاع تكلفتها على المستويين الوطني والفردي،هذا بالإضافة الى ضعف اذرع الرقابة على القطاع الصحي الخاص وغياب الآليات والروافع الحكومية المحفزة له.
للنهوض بالقطاع الصحي في الأردن لا بد من الإهتمام بجميع اللبِنات Blocksالتي يتكون منها النظام صحي كما اعتمدتها منظمة الصحة العالمية وهي: الحوكمة والإدارة وتقديم الخدمات والتمويل والتكنولوجيا الطبية والأدوية والموارد البشرية ونظام المعلومات والمشاركة المجتمعية. ولا يمكن أن تبدأ عجلة الإصلاح هذه مهما استثمرنا في النظام الصحي من موارد مالية و بشرية إلا إذا اصلحنا وظيفة الحوكمة والإدارة . تؤكد جميع الأدبيات المتعلقة بالنظم الصحية في العالم ان وجود الكفاءات الإدارية المتخصصة ذات الخبرة العالية بصرف النظر عن الخلفية المهنية (طب،ادارة، تمريض،صيدلة،الخ..) التي تعرف كيف تستخدم الأدوات الإدارية العلمية (التخطيط والتنظيم والتوظيف والقيادة واتخاذ القرارات والرقابة والتقييم ) في توفير الموارد المالية والبشرية والمادية والتكنولوجية والمعلوماتية (المدخلات) التي يحتاجها النظام وتحويلها الى الخدمات الصحية التي يحتاجها المجتمع (المخرجات) بجودة عالية وبأقل تكلفة ممكنةوتنعكس بشكل ايجابي على صحة ورفاه المجتمع (النتائج) .
باختصار الإدارة المتخصصة الفعَّالة هي الضمانة لتقدم النظام الصحي وتطوره على المستويين الوطني والمؤسسي وحل المشاكل والقضايا التي تواجه هذا النظام في الحاضر والمستقبل. وربما حان الوقت للدراسة الجدية لموضوع تخلي وزارة الصحة عن تقديمالرعاية الصحية الثانوية والثالثية (المستشفيات) والتركيز على الصحة العامة والرعاية الصحية الأولية والحوكمة والرقابة لصالح هيئة او مؤسسة حكومية عامة متخصصة بهذا الجانب من الرعاية الصحية تدار على اسس علمية ومهنية يرأس مجلس إدارتها وزير الصحة، كما هو الحال في تجربة الأردن الناجحة مع المؤسسة العامة للغذاء والدواء، على ان تتبع لها لاحقا وبعد التأكد من نجاحها مستشفيات الخدمات الطبية الملكية غير الميدانيةوالمستشفيات الجامعية.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق