شهدت العلاقات الطاقية بين المغرب وإسبانيا تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت واردات مدريد من المنتجات البترولية المغربية بشكل كبير، فقد أظهرت المعطيات الرسمية للمؤسسة الإسبانية لاحتياطات المنتجات النفطية، أن إسبانيا استوردت منذ بداية عام 2025 حتى نهاية شهر مايو نحو 206 آلاف طن من المحروقات المغربية، ما يمثل زيادة ضخمة بنسبة 428% مقارنة بعام 2024. 

هذه الطفرة تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تسعى إسبانيا إلى تقليل اعتمادها على الغاز الجزائري، في ظل التوترات السياسية بين مدريد والجزائر.

ورغم هذه الزيادة الكبيرة في الواردات، يثير ذلك تساؤلات حول مصدر هذه المنتجات، بالنظر إلى أن مصفاة "سامير" في المغرب مغلقة منذ عام 2016 وتوقف نشاط التكرير المحلي، فإن من غير المحتمل أن تكون هذه الكميات كلها من إنتاج مغربي خالص. 

بعض التحليلات الأوروبية تشير إلى أن جزءًا من هذه الواردات قد يكون قد مر عبر المغرب كمحطة عبور، خصوصًا في ظل تدفق النفط الروسي إلى شمال إفريقيا وعدم فرض المغرب لعقوبات على هذه الواردات كما هو الحال في أوروبا.

في الوقت الذي تسعى فيه إسبانيا إلى تقليل تبعيتها للطاقة الروسية وتنويع مصادرها، أصبح المغرب شريكًا طاقيًا ذا أهمية متزايدة في المنطقة. 

ومع تزايد الواردات من المغرب، أصبح الأخير لاعبًا استراتيجيًا في مجال الطاقة، خاصة مع تصاعد التبادلات الطاقية في الاتجاه المعاكس، حيث أصبح المغرب أكبر مستهلك للكهرباء الإسبانية في عام 2024. هذه الدينامية تعكس التطور المتسارع في التعاون الطاقي بين البلدين، ما يفتح الباب أمام المغرب ليعزز من مكانته كمحور إقليمي للطاقة في البحر الأبيض المتوسط.