حسمت الهيئة العامة لمحكمة التمييز في دبي، الأسبوع الماضي، الجدل حول أحقية البنوك الإسلامية في فرض فوائد على التأخر في السداد، وأصدرت حكماً تاريخياً بعدم جواز تحصيلها، استناداً إلى قانون المعاملات التجارية والعقود، الذي نص في المادة 473 على أنه «لا يجوز للمؤسسات المالية الإسلامية الاقتراض أو الإقراض بفائدة أو منفعة بأي وجه، ولا أن ترتب أو أن تقتضي فائدة أو منفعة على أي مبلغ دَين يتأخر الوفاء به، ومنها الفائدة التأخيرية، ولو على سبيل التعويض، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك».
حكم تاريخي
وقال المدير القانوني في «مكتب أميرة صقر للمحاماة»، الدكتور الصباح عشري، لـ«الإمارات اليوم»: «أعاد الحكم الأمور إلى نصابها، إذ كنا نستغرب كيف لبنوك تعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، أن تفرض فوائد زيادة على المبلغ المتفق عليه، حتى لو كان من باب حث المتعامل على الالتزام وعدم التأخر في السداد»، لافتاً إلى أنه يمكن وضع آليات وضوابط أخرى.
وأضاف عشري: «أهمية الحكم الصادر أنه من الهيئة العامة للمحكمة، إذ كانت هناك دوائر داخل المحكمة تحكم للبنوك الإسلامية بالفوائد والغرامات على التمويلات والبطاقات، ما يعني أنها لم تكن تختلف عن البنوك التقليدية في شيء، وبعض الدوائر كانت ترفض ذلك، فجاء حكم الهيئة العامة لمحكمة التمييز ليوحّد المبادئ التي تعمل بها الدوائر التابعة لمحكمة التمييز، ومعها محاكم الاستئناف، ومحاكم أول درجة».
وتابع: «قانوناً، تنعقد الهيئة العامة لمحكمة التمييز عندما يكون هناك تضارب أو خلاف حول مسألة معينة، وإصدارها هذا الحكم التاريخي يعني عدم أحقية البنوك الإسلامية في أخذ فوائد أو رسوم أو غرامات». وقال: «كمحامين، تحدّثنا كثيراً في هذا الأمر، والحكم الصادر يُعدّ حاسماً وملزماً لكل درجات التقاضي».
ممارسات المتعاملين
وفي المقابل، قال مسؤولان في هيئات شرعية لمصارف إسلامية: «لم تكن البنوك الإسلامية في السابق تتقاضى رسوم تأخر في السداد على التمويلات المختلفة، لكن ذلك أدى إلى ممارسات سلبية كثيرة من قبل متعاملين استغلوا ذلك بعدم سداد الأقساط في موعدها المحدد».
وأضافا: «شكّل ذلك ضغطاً كبيراً على شركات التحصيل، ودفع لجان الفتوى الشرعية لإجازة تحصيل الرسوم، استناداً إلى قاعدة (الالتزام بالتبرع)، بحيث يتم الاحتفاظ بالمبالغ المتحصلة من (رسوم التأخر في السداد)» في صندوق، ومن ثم تُوجه إلى الجمعيات الخيرية المرخصة».
وأكد المسؤولان، اللذان فضّلا عدم نشر اسميهما، أن البنوك الإسلامية، وبناء على رأي هيئات الفتوى الداخلية، وضعت في عقودها شرطاً وبنداً يُلزم المتعامل بالتبرع لطرف ثالث في حال تأخر في سداد القسط.
وأوضحا أن رسوم تأخير الأقساط تدور حول 200 درهم تقريباً شهرياً، ولاحقاً صدرت فتوى أخرى تُجيز للبنوك الإسلامية تحصيل تكاليف ورسوم القضايا التي يتم رفعها على المتعاملين، وغيرها من مبالغ رسوم التأخير، بحد لا يزيد على 49%، من إجمالي المبالغ المحصلة كرسوم، لتغطية النفقات القانونية، ورسوم موظفي التحصيل والمحامين.
وتابعا: «هذا النمط معمول به حالياً من قبل البنوك الإسلامية، ضمن مبادرة صادرة عن لجنة الهيئة الشرعية التابعة لاتحاد المصارف، نظراً لتكبّد البنوك خسائر كبيرة من تأخر بعض المتعاملين في السداد»، لافتين إلى أن الجهة الرقابية لم تعترض على هذه المبادرة، فأصبح هناك ضمنياً اتفاق على أحقية البنوك الإسلامية في تحصيل «رسوم تأخير».
قرار «التمييز»
وكانت الهيئة العامة لمحكمة التمييز في دبي، ذكرت في حكم قضائي مهم صدر الإثنين الماضي، وحصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، أنه لا يجوز للبنوك الإسلامية وشركات التكافل، المطالبة بفوائد عن التأخر في السداد، نتيجة تراخي المدين في الوفاء بالتزاماته.
وقالت المحكمة في جلسة برئاسة القاضي عبدالقادر موسى محمد، إنه بناء على طلب رئيس محكمة التمييز بشأن تباين الأحكام حول مسألة استحقاق المؤسسات المالية الإسلامية على مبلغ الدين فوائد تأخيرية، لتكون بمثابة تعويض، فقد قرر القاضي رئيس محكمة التمييز إحالة هذا الاختلاف إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، للفصل فيه، عملاً بالمادة 20 من القانون رقم 13 لسنة 2016، بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي.
ووفقاً لحيثيات الحكم، فإن قانون المعاملات التجارية والعقود نص في المادة 473 على أنه لا يجوز للمؤسسات المالية الإسلامية الاقتراض أو الإقراض بفائدة أو منفعة بأي وجه، ولا أن ترتب أو أن تقتضي فائدة أو منفعة على أي مبلغ دين يتأخر الوفاء به، ومنها الفائدة التأخيرية، ولو على سبيل التعويض، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.
وأضاف الحكم أنه تنص المادة 474 من القانون ذاته على أنه «يجب أن تكون الالتزامات المالية الناشئة عن المعاملات والعقود التجارية الخاضعة لأحكام هذا الباب محددة، ومعينة المقدار، وتُعدّ ديوناً لا تجاوز الزيادة في مقدارها، مع تأجيل استحقاقها، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك».
وأضاف الحكم: «بالتالي، فإن المشـرّع - بصدور المرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 بإصدار قانون المعاملات التجارية - يكون قد حظر صراحة في المادة 473 منه، على المؤسسات المالية الإسلامية وشركات التكافل التي تمارس كل أعمالها وأنشطتها، أو جزءاً منها، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، تقاضي فائدة تأخيرية، ولو على سبيل التعويض، أو أياً كان مسماها على أي مبلغ دين أو التزام مالي يكون ناتجاً عن معاملة أو عقود تجارية خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية يتأخر المدين في الوفاء به».
وبحسب ما جاء في نص الحكم، فقد قررت الهيئة العامة إقرار الأحكام التي انتهت إلى عدم جواز تقاضي المؤسسات المالية الإسلامية، وشركات التكافل التي تمارس أعمالها وأنشطتها أو جزءاً منها، وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فائدة تأخيرية ولو على سبيل التعويض، أو أياً كان مسماها على أي مبلغ دين أو التزام مالي يكون ناتجاً عن معاملة أو عقود تجارية خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية يتأخر المدين في الوفاء به، وهو أمر متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، مع العدول عما تعارض مع ذلك من أحكام.
• قانون المعاملات التجارية والعقود نص في المادة 473 على أنه لا يجوز للمؤسسات المالية الإسلامية الاقتراض أو الإقراض بفائدة أو منفعة بأي وجه، ولا أن ترتب أو أن تقتضي فائدة أو منفعة على أي مبلغ دَين يتأخر الوفاء به، ومنها الفائدة التأخيرية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: فوائد «التأخر في السداد» بالبنوك الإسلامية مخالفة للقانون - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 21 يوليو 2025 01:30 صباحاً
0 تعليق