نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: ”مليون ريال غرامة على امرأة تمسك هاتفًا!” –... - تليجراف الخليج اليوم السبت 26 يوليو 2025 08:44 مساءً
في خطوة تصعيدية جديدة تُعد من أخطر الانتهاكات الممنهجة للحريات الشخصية، فرضت مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، وثيقة أمنية مثيرة للجدل في منطقة العسادي بمديرية وصاب العالي بمحافظة ذمار (وسط اليمن)، تتضمن سلسلة من القيود المشددة على النساء والحياة الاجتماعية، تصل إلى حد منع اقتناء الهواتف الذكية وفرض غرامات مالية باهظة تصل إلى مليون ريال يمني على المخالفين.
وأظهرت وثيقة رسمية، وُقّعت بتاريخ 25 يوليو 2025، بحضور مشايخ ومتنفذين موالين للمليشيا، حزمة من البنود التي تُقيّد الحريات الأساسية تحت ذرائع "الحفاظ على القيم والعادات"، فيما يرى مراقبون أنها تُمثّل امتدادًا لمشروع تمكين سلطة الأمر الواقع الحوثي عبر فرض نموذج اجتماعي قمعي يُقلّد أنماط الحكم الطالباني.
حظر الهواتف الذكية وشبكة الواي فاي: عقاب بالغرامات الباهظة
من أبرز البنود المثيرة للجدل في الوثيقة، منع النساء والفتيات من اقتناء الهواتف الذكية بشكل قاطع، مع تغريم أي شخص – سواء من أفراد الأسرة أو مقدّم الخدمة – يُثبت تورطه في تمكين امرأة من امتلاك أو استخدام جهاز حديث، بمبلغ مليون ريال يمني (ما يعادل نحو 1800 دولار أمريكي بأسعار الصرف الحالية).
كما تم منع استخدام الهواتف المحمولة بشكل عام من قبل النساء والأطفال، بالإضافة إلى حظر تأسيس أو تشغيل شبكات الواي فاي داخل المنازل، تحت طائلة نفس العقوبة المالية، في خطوة تُعدّ تضييقًا غير مسبوق على التواصل والتعليم والوصول إلى المعلومات، خصوصًا في ظل تفشي الأمية الرقمية وانهيار البنية التعليمية.
قيود على الأعراس والزواج: تحديد المهور وحظر الموسيقى
وامتدّت القيود إلى الحياة الاجتماعية، حيث نصّت الوثيقة على تنظيم "الأعراس والمناسبات" بتفصيل دقيق، يشمل تحديد مبلغ المهر لكل من العروس البكر (التي تتزوج لأول مرة) والثيب (المُتَزَوِّجة سابقًا)، في تدخل مباشر في الشؤون الخاصة للأسر. كما منع استخدام مكبرات الصوت في الأعراس، وحُرّمت الأغاني والموسيقى، ما أثار استياءً واسعًا بين الأهالي الذين يرون في هذه العادات جزءًا من التراث اليمني.
منع سفر المرأة دون "محرم": تهديد بالطرد ومصادرة الممتلكات
من البنود الأكثر إثارة للجدل، منع النساء من السفر من الريف إلى المدينة أو إلى مناطق بعيدة دون "مُحرم" (ذكر من الأقارب)، مع تهديد المخالفات بغرامة مالية قدرها مليون ريال، إلى جانب عقوبات تصل إلى الطرد القسري من المنطقة، ومصادرة الممتلكات الشخصية. هذه البنود تُعدّ انتهاكًا صارخًا لمبادئ حقوق الإنسان، وفق خبراء قانونيين وحقوقيين، وتعيد النساء إلى وضعية التبعية القانونية والاجتماعية.
غرامات تُضاعف معاناة السكان في ظل انهيار اقتصادي
تتراوح الغرامات المفروضة في الوثيقة بين 200 ألف و مليون ريال يمني، وهي مبالغ خيالية في ظل التدهور الحاد في الأوضاع الاقتصادية، حيث يعيش غالبية السكان تحت خط الفقر، ولا يتجاوز دخل الأسرة المتوسط بضعة آلاف من الريالات شهريًا. ويشير مراقبون إلى أن هذه العقوبات تُستخدم كوسيلة للابتزاز المالي، وفرض سيطرة المليشيا على المجتمعات المحلية، بدلًا من تقديم الخدمات أو تحقيق الأمن.
سابقة في مناطق أخرى وتنديد حقوقي متزايد
تأتي هذه الوثيقة في سياق سلسلة من القرارات المماثلة التي فرضتها المليشيا في مناطق خاضعة لسيطرتها، مثل محافظتي عمران وصعدة، ومديرية بني حشيش في العاصمة صنعاء، حيث سبق أن أصدرت تعليمات بحظر خروج النساء دون محرم، ومنع دخولهن إلى الأسواق في أوقات محددة، وفرض "هيئة الأمر بالمعروف" لمراقبة السلوك العام.
وقد لاقى هذا القرار الجديد موجة تنديد واسعة من منظمات حقوقية محلية ودولية، اعتبرته "انتهاكًا صارخًا للحريات الفردية، وتشديدًا للقيود على النساء، وفرضًا لنموذج ديني متطرف لا يمت إلى الواقع اليمني بصلة". ودعت جهات حقوقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف ما وصفوه بـ"التطهير الاجتماعي" الذي تمارسه المليشيا.
سكان محليون: "نعيش تحت حكم الفزّاع"
في تصريحات لسكان من منطقة العسادي، رفضوا الكشف عن أسمائهم خشية الانتقام، أوضحوا أن "الوثيقة فُرضت بالقوة، ووقّع عليها المشايخ تحت الضغط"، مشيرين إلى أن "الخوف من الاعتقال أو الغرامة دفع كثيرين إلى تسليم هواتفهم الذكية أو منع بناتهم من استخدام الإنترنت".
وأضاف أحد السكان: "لم نعد نعرف إلى أين تتجه الأمور. كل يوم نسمع بمنع جديد، وكأننا نعيش في دولة داخل دولة، تُحكم بقوانين لا تعرفها اليمن ولا شعبها".
تحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية والاجتماعية
يُحذر مراقبون من أن هذه السياسات القمعية ستؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المناطق الخاضعة للحوثيين، خصوصًا مع تزايد حالات الاكتئاب والانعزال الاجتماعي، خصوصًا بين النساء والفتيات، وسط شلل في مسارات التعليم والعمل والرعاية الصحية عن بُعد.
ويُطالب نشطاء حقوقيون بفتح تحقيق مستقل في هذه الانتهاكات، ووضع حد لتمدد المليشيا في فرض قوانين تُهدد النسيج الاجتماعي اليمني، وتدفع بالبلاد إلى مزيد من الانقسام والعنف.
في الوقت الذي تزداد فيه معاناة اليمنيين من الحرب والجوع، تواصل مليشيا الحوثي بناء نظام استبدادي داخلي، يُقيّد الحريات ويُضيّق على المجتمع، في مشهد يُنذر بمستقبل مظلم لا يقل خطورة عن الكارثة الإنسانية التي تعيشها البلاد.
0 تعليق