نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: المؤثّرون الجدد: أرقام تلمع… وتأثير يصدأ! - تليجراف الخليج اليوم الأحد الموافق 27 يوليو 2025 11:01 صباحاً
كتب وسام السعيد - في عالم تحكمه الشاشات الصغيرة ويقوده "الترند"، أصبح لقب "مؤثّر" يُمنح بسخاء، ويُعلّق كوسام على صدور كل من جمع حوله آلاف المتابعين أو حصد مئات آلاف المشاهدات، بغضّ النظر عن نوعية المحتوى أو قيمته.
بات يُنظر إلى عدد المتابعين كأنه شهادة دكتوراه، وعدد الإعجابات كمقياس للنجاح، حتى وإن كانت غالبيتها مدفوعة، أو جاءت بدافع الفضول، أو حتى السخرية.
لكن مهلاً…
من قال إن التأثير يُقاس بالأرقام فقط؟
من هو "المؤثّر" حقاً؟
في المفهوم العلمي والاجتماعي، يُطلق لقب "مؤثّر" على من يُغيّر اتجاهات الرأي، يُحرّك السلوك، يُنمّي الوعي، أو يترك أثراً في تفكير الناس ونمط حياتهم.
المؤثّر قد يكون معلماً أشعل شعلة الفضول في عقل طالب، أو طبيباً نشر الوعي، أو مفكراً غيّر زاوية الرؤية.
أما اليوم، فقد تم اختطاف هذا اللقب من قِبل منصّات التواصل، ليصبح لقباً ترويجياً يُمنح لكل من يُجيد صناعة "الترند"، ولو على حساب الذوق، أو المنطق، أو الذكاء.
ضحايا الهشاشة الرقمية
اللافت أن العديد من "المؤثرين الجدد" لا يملكون أي إنجاز حقيقي في ميادين العلم، أو ريادة الأعمال، أو الثقافة، بل إن بعضهم بالكاد يتقن اللغة التي يتحدث بها!
ورغم ذلك، يحظون بمتابعات ضخمة، وشهرة تتفوّق على كتّاب وأكاديميين ومفكرين. والنتيجة؟ جيل يتعلّم من الشاشة كيف يُقلّد لا كيف يُفكّر، كيف يستعرض لا كيف يُبدع.
حين تصبح التفاهة وظيفة نشهد اليوم ظاهرة "توظيف التفاهة"، حيث تُمنح عقود الإعلانات والدعاية لمن يُضحكون الناس على سذاجتهم، لا لمن يرفعون وعيهم.
أصبح هناك اقتصاد كامل يُبنى على "اللا محتوى"، وآلاف من "المؤثرين" يعيشون من فيديوهات سطحية، لا تزيد المتلقّي إلا ضياعًا في زحام العبث.
المشكلة ليست فيهم وحدهم هؤلاء لم يأتوا من فراغ. نحن من صنعناهم. نحن من قدّم لهم الإعجاب، ومنحهم المتابعة، وتداول مقاطعهم حتى أصبحت مقياساً للنجاح.
وهنا تكمن المأساة:
أن تتحوّل التفاهة إلى قدوة، والضحك على الذات إلى مصدر دخل، والفراغ الفكري إلى وظيفة محترمة!
الختام:
دعوة لإعادة تعريف "التأثير" التأثير الحقيقي لا يأتي من عدد المتابعين، بل من نوعية الرسالة.
من يترك أثراً في عقل شاب، خير ممن يسرق ألف دقيقة من وقته.
من يزرع فكرة، أعمق تأثيراً ممن يزرع ضحكة جوفاء.
فلنُعد الاعتبار للعلم، والثقافة، والمهنية.
ولنتذكّر أن "المؤثّر" الحقيقي…
قد لا يكون مشهوراً، لكنه يُغيّر.
أحيانًا، عدد المتابعين لا يعكس الحب… بل يعكس الفضول، أو حتى السخرية.
فهل نُعيد تعريف "المؤثرين"؟ أم ننتظر حتى نصبح نحن... "المتأثرين" إلى الأبد؟
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق