نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: في يوم الحداد الشركسي - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء الموافق 21 مايو 2025 12:42 مساءً
في يوم الحداد الشركسي، أو يوم الحزن، أو ذكرى التهجير، أو ذكرى الإبادة (تعدّدت الأسماء والوجع واحد).. والذي يصادف 21 أيار/ مايو من كلّ عام.. استحضاراً لمأساة مستمرّة منذ عام 1864 ولغاية الآن..
نص من وحي رواية "البذرة الأخيرة" لـ "باغرات شينكوبا"، بقلم الكاتبة والشاعرة "هند سليمان" نقلاً عن مجموعتها "توت أحمر".
"زاورقان"
فوق جبل قفقاسيّ معمّم بالثلج
حيث زهور الدندرون تنمو في الأعالي
والبحيرات الجبلية في زرقتها
كأنها شظايا السماء
كانت صخرة تدعى زاورقان
لا أحد يعرف معنى زاورقان!
اللغة التي اختبأ فيها المعنى تعرف
لكنها شدّت على حزنها بعصبة رثة وأطلقت للريح المعاني..
الجبل أيضا يعرف
لكنه استدار غاضبا من النارتيّين الذين أمسكوا بخيط تدلى من ثوب الهجرة فشدّتهم إليها بحبل غليظ..
أشجار الكستناء تعرف
لكنها التفّت بأوراقها على عيون جذوعها منذ أن كفّ الجبليّ عن بناء بيته من خشبها
واستبدله بالزبل والطين
المواقد المتأجّجة بالحياة تعرف
لكنها صمتت حين ملأ أفواهها الرماد صبيحة يوم الهجرة العاق.
الأموات يعرفون
لكن رفاتهم غابت في قبور بلا شواهد
أوجعتهم الأوبئة
كيف يطير سنونو في عالم من الوباء؟
أدماهم جشع النخّاسين
ماذا ترى في عينيّ رجل مات لصّاً وهو يسرق أخته من بين حريم القصر؟
"وليمة مع الأموات"
حين علا أنين البوق
هرعوا جميعا يلبون النداء
احتفاء بالضيف القادم من بلاد بعيدة
من زمن بعيد
الأم نفضت عنها غبار موتها القديم
وقطعت حبال كمدها على أبنائها المغرّبين
هبت لتحضر الماماليغا* الدافئة لتشبع البطون
فكسر الخبز اليابسة، من العار أن تُقدّم للضيوف
والأختان الجميلتان تجلسان كيمامتين
المعشوقة فيليديش تتبختر بجديلتيها الواصلتين لكعبي رجليها
ترمقه بحب وعتب: تأخرت، لكنك الآن هنا
الموقد الذي انهالت عليه خيبة الهجرة
ألقى تعويذة أزال بها لعنة ذاك الحاسد الذي دعا:
"فليتحطم موقدك" وانبعثت فيه النار مثل فينيق قديم
"السجن"
لا يلتفت الشباب إلى التفاصيل
يشغلهم اغترارهم بالحياة
لا يأبهون لفراشة تحوم
لا يشهقون لرؤية جبل عزيز
لا يأنسون بنجمة وحيدة شاردة في عتمة موحشة
لكن السجين، ينتكب خياله
يطلق منه رصاصات تكسر حاجز المستحيل
ينسج القصص
يتسلق بعينيه الجبل كل صباح
يساهر النجوم الصيفية من كوة صغيرة في الجدار الأصم
وحين تغور نجمة، يعرف أنّه قد مات إنسان مجيد
لا تغور النجوم لموت إنسان جاحد!
يرسم كوخا فيه أسرة من أب وأم وطفل
ينمو الطفل في عينيه
يجعله تقويمه السنويّ
يحسب في هرولته نحو الشباب أفول ذاته نحو المشيب
يرسم بجانب الكوخ بقرة وحيدة يحلبها في وعاء من خشب الكستناء
وأرضا صغيرة ينتظر أن يعيره أحدهم ثوره بعد انتهائه منه ليحرثها
ويبذرها بالذرة الصفراء
ربما تأخر في الحراثة والبذار
لكن الماماليغا لا تغيب عن المائدة مهما كان المحصول فقيرا
"أغنية الجرح"
للجرح أغنية يزفر بها موجوع حزين
لا يجدر به أن يغنيها وحيدا
الرفاق من حوله يرددونها خلفه يهونون عليه كُربة الفراق:
"واي رايدا اكتم أنينك يا أخي
واي رايدا روح الغريق تحصد الأمل
واي رايدا لا تفصحْ عن آلام الجرح"
للجرح أغنية
محض أغنية
للجرح ألم مكتوم
وأيادٍ تشد على يد الجريح
"الوطن"
تائه أبديّ من يفقد الوطن
أبتر بلا جذور
أجرد بلا غصون
ليس في صدره قلب بل حجر
يغني للجرح وحيدا
لا رفاق ينشدون معه
لا جبل يرد صداه
يغرد كأنه طائر بلا أقران
لا إلْفَ له ولا صديق
يغرد أنشودته الأخيرة
وهو لا يعرف أنّها الأخيرة
ينادي على الرفاق والأحباب
لكنه وحيد
يغني لجرحه وحيدا
يموت وحيدا
ويرحل
وحيدا
ذلك الأخير
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق