نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: التعليم من مفاتيح الاستقلال وثمرة من ثماره - تليجراف الخليج اليوم السبت الموافق 24 مايو 2025 09:44 مساءً
حَظِي النظام التربوي في الأردن بالرعاية الهاشمية منذ تأسيس الإمارة، واستمرت هذه الرعاية في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، استكمالًا لمسيرة الآباء والأجداد. ومنذ أن نالت المملكة الأردنية الهاشمية استقلالها عام 1946، أولت الأسرة الهاشمية بقيادة الملوك الهاشميين اهتماما كبيرا بتطوير قطاع التعليم، باعتباره المورد الأساسي للتنمية في الدولة، وحجر الزاوية في بناء الدولة الحديثة وتحقيق التقدم والتنمية المستدامة.
في عهد الملك عبد الله الأول المؤسس، بدأ التركيز على بناء أسس التعليم، وإنشاء المدارس في مختلف أنحاء المملكة، لا سيما في المناطق الريفية والنائية، وقد تحققت نقلات نوعية وكمية منذ عهد الإمارة؛ ففي السنوات العشر الأولى من تأسيسها (1921)، وكان عدد المدارس الحكومية والخاصة (53) مدرسة، ومعظمها مستأجرة. والآن ولأن الاستقلال ليس لحظة تاريخية فحسب، بل هو مشروع مستمر لبناء الوطن والإنسان، والمحافظة على ما حققه الأجداد والاباء فقد سار جلالة الملك عبد الله الثاني على هذا الدرب، واستكمل مسيرة البناء والنهضة التعليمية، ووصلت عدد المدارس في عهده الميمون وفي الذكرى ال(ـ79) لاستقلال الأردن، إلى( 7707 )مدرسة وحكومية وخاصة ووكلة غوث وأخرى ، وتبلغ نسبة المدارس المملوكة للدولة منها ( 82%) أما عدد الطلبة، فقد ارتفع من( 4415 )طالبا وطالبة في العقد الأول من تأسيس الدولة، إلى
(2,278,031) طالبا وطالبة في عام 2025، وكل ذلك بفضل جهود جلالة الملك والمخلصين من أبناء الوطن.
كما أن التعلم لم يغب عن فكر جلالته حفظه الله فقد انعكس ذلك في الرؤى الملكية في الاستراتيجية الوطنية لتطوير الموارد البشرية، والأوراق النقاشية المتخصصة وخاصة الورقة السابعة لتطوير التعليم ، والرؤية الاقتصادية2033 وفي محرك الريادة والإبداع وضمن محور التعليم والمبادرات التي طرحته فيه، إضافة إلى التوجيهات الملكية للحكومات المتعاقبة لوضع الخطط والاستراتيجيات المستقبلية لتحقيق التميز والجودة والإتقان وإعادة الأقق والمكانة للنظام التعليم التي بنى أنظمة تعليمية في الوطن العربي وغيره و لإحداث التغير النوعي والجوهري في حياة الأردنيين في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية كافة باعتباره عصب الاقتصاد الأردني ، و ليبقى الأردن في طليعة الدول المتقدمة، ونموذجا يحتذى به في استثمار طاقات الإنسان وإبداعاته.
لقد تحققت الكثير من الإنجازات كثمرة من ثمار الاستقلال ومن أبرزها ارتفاع نسب الالتحاق بمراحل التعليم العام المختلفة، مما أسهم في خفض نسبة الأمية من أكثر من 80% إلى نحو 5% فقط في ذكرى الاستقلال وحسب الإحصائية الاخيرة. كما تم العمل على إزالة الفجوة بين الجنسين في نسب الالتحاق، وتعميم التعليم الأساسي، والتوسع في مرحلة رياض الأطفال، واستحداث مسارات التعليم والتعليم المهني، وتطوير المناهج والكتب المدرسية، والتي توجت بإنشاء مركز وطني لتطوير المناهج. وشهد التعليم أيضا تطويرا في أنظمة الامتحانات والاختبارات الوطنية، وتنمية المعلمين، وتطوير المسارات المهنية لهم من خلال نظام الرتب والترقيات، كما وظفت تكنولوجيا التعليم والمعلومات والاتصال، وصمتت الأنظمة الإلكترونية واستحدثت المنصات التعليمية، وحدثت البنية التحتية من الأبنية المدرسية ومرافقها وتجهيزاتها، بالإضافة إلى تطوير التشريعات التربوية، وأنظمة المساءلة، ومعايير جودة التعليم.
يُعد استقلال الأردن في عام 1946 لحظة تاريخية محورية في مسار المملكة الأردنية الهاشمية، حيث شكل هذا الحدث تحولا كبيرا في تاريخ البلاد. ففي 25 أيار 1946، لم يكن الاستقلال مجرد نهاية لفترة الانتداب، بل كان بداية لمرحلة جديدة من بناء الدولة وتعزيز سيادتها، وتطوير مؤسساتها، وترسيخ مكانتها في العالم العربي والإسلامي والدولي. كما كان نقطة انطلاق نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي في ظل التحديات الإقليمية التي لطالما واجهها الأردن بدور متزن وداعم للقضايا العربية والإسلامية وللسلام والعدالة في والعالم.
ونحن ندخل المئوية الثانية بكل فخر واعتزاز بما تحقق من إنجازات وطنية في عهد الهاشميين الأخيار، وبهمة الأردنيين النشامى، نواصل السعي لاستعادة مكانة التعليم التي تحققت بفضل الرعاية الهاشمية، والتي جعلت الأردن على خارطة الاحترام الدولي في مجال التعليم انطلاقا من قناعة وايمان القيادة بأن التعليم حق إنساني، وركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمحرك الرئيس للتنمية المستدامة المنشودة. واليوم، وبعد التحديات التي واجهت قطاع التعليم لأسباب داخلية وخارجية، فإن الأمر يتطلب بناء خطط استراتيجية بعيدة المدى، تقودها قيادات تربوية فاعلة، قادرة على تحقيق الأهداف التي تنشدها الدولة.
إن ذكرى عيد الاستقلال مصدر فخر واعتزاز سياسي وتاريخي للقيادة وللشعب الأردني، ولكل الشهداء الذين ضحّوا بدمائهم وأرواحهم الطاهرة دفاعًا عن الوطن. وهو يوم السيادة والحرية، يوم تحرر فيه الوطن، وتحرر معه الإنسان الأردني، لأن حرية الوطن من حرية أبنائه، وسيادته من سيادة التعليم والمعرفة وهو يوم العدالة الاجتماعية، والمساواة، والكرامة الإنسانية، والاستقلال الثقافي والاقتصادي، ويوم التنمية والمشاركة في البناء المستمر، والمحافظة على أمن الوطن، واستقراره، وصون نسيجه، وترابه.
وعليه وفي ذكرى الاستقلال والذي رمز الإصلاح والبناء والنهضة نأمل من القائمين على التعليم إعادة المكانة للنظام التعليمي التي كان يتمتع بها واحداث نقلة نوعية، وأن نستلهم العبر من الدول التي حققت أداءات عالية في أنظمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وكان ذلك نتيجة الاستثمار في التعليم من اجل تنمية الموارد البشرية ومن اجل تحقيق رؤية جلالة الملك حفظه عندما وجه في رسالته سابقا "نريده مستقبلا مشرقا نعزز فيه أمننا واستقرارنا، ونمضي خلاله في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع". و "نريده مستقبلا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم، وننهض فيه باقتصادنا، وتزداد فيه قدرات قطاعنا العام وفاعليته، ويزدهر فيه قطاعنا الخاص". وهذه الرسائل وغيرها من اجل الاستثمار في الموارد البشرية.
والسؤال هل لدينا العزم والإرادة لنبدأ ويكون الاستقلال الحافز لتنمية وتحقيق هذه الرؤى؟ وخاصة بعد التحديات التي واجهها ومازال النظام التعليم والتي اسفرت عن التراجع في الأداء في المؤشرات الدولية ولتحقيق ذلك عليهم استشراف مستقبل التعليم وعناصر المنظومة التعليمة كافة ولذا على القائمين العمل على الملفات التي وردت في التوجيهات الملكية وفي الخطط لوطنية و استكمال العمل فيها وبما يضمن تعزيز القيم والانتماء الوطني كما عليها ان تؤسس للتفاعل مع المستجدات التربوية وخاصة في مجال توظيف أنظمة الذكاء الاصطناعي وغيرها، وأن تعمد الوزارة إلى توسيع نطاق المشاركة المجتمعية في العملية التعليمية والانفتاح والعمل مع الجامعات ومع المؤسسات الحكومية والخاصة، والمجالس واللجان والأفراد الفاعلين في التعليم لضمان التعليم الجيد للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة وتعزيز كفاءة النظام التعليمي، لتطوير نظاما تعليما بمخرجات فاعلة لتلبية متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل المحلي والعالمي.
وفي هذه المناسبة العزيزة على قلوب كل الأردنيين الأوفياء، يؤكد الشعب الأردني وكل أردني منتم على قدرتهم في كتابة رواية الأردن بأنفسهم، وصياغة مستقبله بوعيهم وانتمائهم، وتمسكهم بالثوابت الوطنية الجامعة، والولاء للعرش الهاشمي، الضامن الوحيد للاستقرار ورفعة الوطن.
حمى الله الأردن وطنا وشبعا وقيادة
* الكاتب خبير تربوي / مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي سابقًا
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق