في وقت تتصاعد فيه التحديات أمام أسواق الطاقة عالميًا، تتحرك مصر بخطى استراتيجية لتأمين احتياجاتها المستقبلية من الغاز الطبيعي، وسط تغيرات إنتاجية داخلية وضغوط خارجية. 

مرحلة جديدة من التخطيط الاستباقي في ملف الطاقة

وبينما تزداد تقلبات السوق الفورية، اختارت القاهرة نهجًا أكثر استقرارًا واستدامة، من خلال مفاوضات مع كبرى شركات الطاقة العالمية لإبرام عقود طويلة الأجل تمتد حتى عام 2028، هذه الخطوة لا تعكس فقط رغبة في مواجهة النقص الحالي، بل تؤسس لمرحلة جديدة من التخطيط الاستباقي في ملف الطاقة.

ضمان تدفق الغاز بشكل مستقر بعيدًا عن تقلبات السوق الفورية

تسعى مصر حاليًا لإعادة رسم خريطة أمنها الطاقوي من خلال التفاوض على اتفاقيات طويلة الأمد لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، تمتد حتى عام 2028، والمفاوضات تشمل أسماء عملاقة في مجال الطاقة، مثل "أرامكو" السعودية، و"ترافيغورا"، و"فيتول"، وذلك في ظل مساعٍ رسمية لضمان تدفق الغاز بشكل مستقر بعيدًا عن تقلبات السوق الفورية.

ويأتي هذا التحرك بعد تراجع ملحوظ في معدلات إنتاج الغاز المحلي، يقابله ارتفاع متزايد في حجم الطلب المحلي، مما فرض على الحكومة المصرية البحث عن حلول طويلة الأجل لتفادي أزمات محتملة في قطاع الطاقة، وتهدف الاستراتيجية الجديدة إلى تنويع مصادر التوريد، والتقليل من الاعتماد على مشتريات اللحظة الأخيرة التي غالبًا ما تكون أكثر كلفة.

تقلبات حادة في أسعار الطاقة العالمية

فيما الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" تلقت نحو 14 عرضًا من شركات عالمية لتوريد الغاز، في إطار سعيها لتأمين احتياجات السوق المحلية خلال السنوات القادمة، وتأتي هذه الخطوة في توقيت حرج يشهد تقلبات حادة في أسعار الطاقة العالمية، مدفوعة بصراعات جيوسياسية وأزمات اقتصادية متعاقبة.

وتسعى مصر، التي كانت يومًا من مصدري الغاز، إلى الحفاظ على توازنها الاقتصادي من خلال توفير الطاقة بأسعار مناسبة لدعم الصناعة المحلية وتفادي الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي.

ويُتوقع أن تسهم هذه الاتفاقيات المستقبلية في تحقيق استقرار نسبي داخل قطاع الطاقة، وضمان استمرار التوريدات دون انقطاع، خاصة في أوقات الذروة أو الأزمات الدولية، مما يعكس تحركًا محسوبًا نحو تأمين متطلبات التنمية الوطنية.