نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: نحو أردن خالٍ من التدخين: بالإجراءات الحازمة والعمل المشترك لا بالتمنيات - تليجراف الخليج اليوم الأحد الموافق 1 يونيو 2025 07:55 صباحاً
في كل عام، وتحديدًا في 31 أيار،يرفع العالم صوته في وجه واحدة من أكبر الأوبئة السلوكية: التدخين.. وتحيي منظمة الصحة العالمية هذا اليوم تحت شعار "فضح زيف المغريات". حيث يتم التركيز على فضح الأساليب التي تستخدمها شركات صناعة التبغ لجذب النساء والشباب، من خلال تسويق منتجات مُنَكَّهة ومُلوَّنة وإلكترونية تؤدي إلى الإدمان.وفي الأردن حيث تتجاوز معدلات التدخين الحدود الطبيعية، وتفوق قدرات المجتمع والاقتصاد على التحمل ، تُعد هذه المناسبة فرصة لطرح تساؤلات جادة: أين نحن اليوم؟ وإلى أين نتجه في معركتنا ضد التبغ؟
الواقع المقلق في الأردن
يُصنّف الأردن من بين أعلى الدول عالميًا في معدلات استهلاك التبغ، حيث يستخدم نحو70% من الرجال شكلاً من أشكال التبغ وهذه النسبة من اعلى 3 دول في العالم، فيما يزداد الإقبال بين النساء والشباب بشكل لافت، خاصة مع انتشار النرجيلة والسجائر الإلكترونية. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأردن يُصنَّف ضمن أعلى البلدان عالميًا في معدلات التدخين بين المراهقين، بنسبة بلغت 33.9%.
الآثار الصحية: عبء متصاعد
يُعد التدخين السبب الرئيسي للأمراض المزمنة والوفيات التي يمكن تجنّبها . ومن أبرز الآثار الصحية التي يعاني منها الأردنيون بسبب التدخين:زيادة معدلات الإصابة بأمراض القلب والرئة، ومنها السرطان وارتفاع ضغط الدم والانسداد الرئوي المزمن. وارتفاع معدل الوفيات المبكرة، حيث يُقدّر أن حوالي 9000 من الأردنيين يفقدون حياتهم سنويًا بسبب أمراض مرتبطة بالتبغ.إضافة الى الآثار السلبية على صحة غير المدخنين، خاصة الأطفال والنساء، نتيجة التعرض للتدخين السلبي في البيوت والأماكن العامة.
الآثار الاقتصادية: كلفة فادحة على الاقتصاد
لا يُثقل التدخين كاهل الأفراد صحيًا فحسب، بل يفرض أعباءً اقتصادية ضخمة على الدولة والأسر. يقدرالإنفاق السنوي المباشرعلى التدخين في الأردن بحوالي 600 مليون دينار مما يؤدي الى استنزاف دخل الأسر ويحد من الإنفاق على التعليم والتغذية والصحة. و يؤدي الى ارتفاع كلفة الرعاية الصحية لعلاج الأمراض المرتبطة بالتدخين، والتي تستهلك حصة كبيرة من اجمالي الإنفاق على الصحة.هذا بالإضافة الى نخفاض الإنتاجية في بيئة العمل بسبب الإجازات المرضية، وضعف الأداء المرتبط بالأمراض المزمنة بين المدخنين.
الآثار الاجتماعية: ظواهر مترسخة وعادات مقلقة
هناك قبول اجتماعي واسع للتدخين، لا سيما النرجيلة، كجزء من الثقافة العامة في المقاهي والمناسبات. وتزايد تدخين الأطفال والمراهقين، بفعل الإعلانات غير المباشرة والتأثير من الأقران وغياب الرقابة الأسرية. كذلك للتدخين تأثير سلبي على البيئة الأسرية، حيث يُعد التدخين أحد أسباب الخلافات داخل الأسرة وتدهور الصحة النفسية والجسدية للأطفال. كذلك فإن ارتفاع نسبة المدخنات الشابات يشكل خطرًا مضاعفًا على الصحة الإنجابية والعائلية.
جهود الأردن في مكافحة التبغ
رغم التحديات، قطعت المملكة خطوات مهمة مثل سن تشريعات متقدمة تحظر التدخين في الأماكن العامة، وزيادة الضرائب على منتجات التبغ.وتبني حملات إعلامية تثقيفية، وإدراج التوعية بالتدخين في المناهج التعليمية. وإفتتاح عيادات للإقلاع عن التدخين في المراكز الصحية الشاملة التابعة لوزارة الصحة تقدم العلاج النفسي والدوائي المجاني ، والتعاون الدولي لمحاربة هذه الظاهرة خاصة مع منظمة الصحة العالمية بالإضافة الى أن الأردن عضو فاعل في الاتفاقيات العالمية لمكافحة التبغ.
التحديات
رغم هذه الجهود، ما تزال الأماكن العامة، والبيوت، والمدارس، وحتى المؤسسات الصحية، تشهد تجاوزات شبه يومية على قوانين منع التدخين، مما يكشف فجوة واضحة بين النصوص القانونية والواقع الميداني. كذلك هناك تحديات مرتبطة بالتسويق المبطن والمنصات الإلكترونية التي تروّج لمنتجات التبغ الحديثة، ونقص البرامج الموجهة لفئة الشباب والمراهقين، وضعف التمويل والدعم المستمر للمبادرات الوقائية.
الأردن إلى أين؟ رؤى مستقبلية
مع إدراك المجتمع الأردني لتداعيات التدخين، يجب ان تتجه الدولة نحو:زيادة الضرائب على التبغ بشكل كبير ومستمر لجعل منتجات التبغ غير متاحة مالياً مع مكافحة التهريب بفعالية، وتعزيز الرقابة القانونية على بيع التبغ، خاصة للفئات العمرية تحت 18 عامًا، وإدماج مكافحة التبغ ضمن السياسات الوطنية للصحة والتعليم، وإطلاق مبادرات توعوية تفاعلية تستهدف الشباب في المدارس والجامعات، وتحفيز المجتمع المدني والإعلام والأحزاب لمواصلة الضغط من أجل بيئة خالية من التبغ، وزيادة الدعم للعيادات المتخصصة بالإقلاع عن التدخين، مع توسيع الوصول إليها، والتطبيق الصارم لقانون منع التدخين في الأماكن العامة.
الختام: مسؤوليتنا جميعًا
الأردن أمام مفترق طرق.استمرار معدلات التدخين المرتفعة يعني استمرار نزيف الصحة والاقتصاد والمجتمع. بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ، يحتاج الأردن إلى إرادة سياسية أقوى، واتباع نهج شامل وحازم يمكن الأردن من تغيير مساره نحو مستقبل أكثر صحة وازدهاراً، مستقبل يخلو من دخان التبغ وآثاره. الطريق طويل، لكن البدء الفعلي والجاد هو الحل الوحيد.
فلنعمل معًا – حكومة، ومؤسسات، ومجتمع – نحو أردن خالٍ من التبغ.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق