«سويفت» يفتح أبواب الاقتصاد العالمي أمام سوريا - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: «سويفت» يفتح أبواب الاقتصاد العالمي أمام سوريا - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025 08:17 صباحاً

بعد أكثر من أربعة عشر عاماً من القطيعة مع النظام المالي العالمي، تتحرك سوريا بخطى متسارعة للعودة إلى الساحة الاقتصادية الدولية، ويمثل نهاية فعلية للنظام الاقتصادي الذي بناه النظام السابق بعقلية أمنية وفوضوية.

الإعلان الذي أطلقه محافظ البنك المركزي السوري الجديد، عبد القادر الحصرية، عن قرب إعادة ربط سوريا بنظام «سويفت» العالمي للمدفوعات، يمثل نقطة تحول في مسار بلد يسعى إلى طيّ صفحة من العزلة وسبقها انفتاح دولي توجه بلقاء الرئيس أحمد الشرع مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في الرياض الشهر الماضي.

استثمارات

عودة «سويفت» ليست فقط وسيلة لتحسين حركة التحويلات، بل هي المفتاح الأول لدمج سوريا مجدداً في دورة التجارة العالمية، وتمكينها من استقبال الاستثمارات وإعادة تصدير منتجاتها، بعد أن ظلت محاصَرة بأنظمة تحويل غير رسمية تكلف الاقتصاد أكثر مما تنفعه.

وكانت الصرافة غير الرسمية تقتطع ما يقارب 40 سنتاً من كل دولار يدخل البلاد، وهو ما خلق بيئة مالية هشة، ومعرّضة لغسيل الأموال، وعاجزة عن دعم الاقتصاد الحقيقي.

إصلاحات

في ظل هذا الواقع، تحاول الحكومة الجديدة الدفع بسرعة نحو إجراءات إصلاحية، تتجاوز البنية المصرفية نحو تصميم اقتصادي جديد بالكامل.

الخطط الموضوعة لا تقتصر على إعادة رسملة البنوك، أو تحرير الإقراض من القيود المشددة التي فرضها النظام السابق، بل تشمل أيضاً إعادة صياغة قوانين البنك المركزي، وتنظيم سوق الصرف، وتوحيد أسعار العملة المحلية بين السعر الرسمي والسوق السوداء، في إطار ما سمّاه محافظ البنك المركزي السوري بـ«التعويم المُدار» وهي خطوة تتطلب جرأة سياسية وغطاء مالياً دولياً.

رفع العقوبات

وتجري هذه التحولات الباعثة على تفاؤل السوريين ضمن مسار عربي ودولي لمساعدة سوريا على التعافي.

ففي أقل من شهر على رفع العقوبات الأمريكية، زار وفد من صندوق النقد الدولي دمشق، فيما تتابع فرق البنك الدولي ملفات الطاقة والبنية التحتية والتعليم، ضمن تصور أوسع لإعادة الإعمار.

وجلي أن المجتمع الدولي، رغم حذره، يرى في إدارة الشرع بوادر مشروع سياسي اقتصادي يستحق منح فرصة.

وما يزيد من زخم هذا التحول، هو التموضع العربي تجاه سوريا، من بينها سداد الديون المتأخرة لسوريا لدى البنك الدولي، البالغة 15.5 مليون دولار، وتغطية رواتب موظفي القطاع العام لمدة ثلاثة أشهر، وهي خطوة تعكس ثقة بالمسار الجديد.

كما وقعت اتفاقيات مبدئية مع شركات خليجية لتنفيذ مشاريع، تشمل البنية التحتية والطاقة والتعليم، في إطار توجه نحو الاستثمار بدل المعونة، والشراكة بدل الإملاء.

ومع كل هذه التطورات، تبقى العملة الوطنية، الليرة السورية، واحدة من أبرز التحديات، إذ فقدت خلال العقد الماضي نحو 90% من قيمتها مقابل الدولار، قبل أن تستعيد جزءاً من قوتها بعد سقوط نظام بشار الأسد، دون أن تنجح بعد في تثبيت سعر صرف مستقر.

قيود

التحدي الحالي أن الإصلاحات الجديدة والمخطط لها تصطدم بموروث ثقيل من الانهيار المؤسسي وانعدام الثقة خلال عهد الأسد، وخصوصاً أن النظام المالي في عهد الأسد كان يُدار بعقلية أمنية، حيث خضعت المصارف لإملاءات قسرية، وفُرضت قيود صارمة على سحب الودائع، وكان البنك المركزي نفسه أداة ضبط وتحكم، لا منصة توجيه واستقرار.

لهذا، فإن أي نجاح حقيقي مرهون بإعادة تعريف دور الدولة من جديد، ليس فقط كمنظّم اقتصادي، بل كشريك موثوق ومستقر.

ويبرز هنا جانب آخر مهم وهو الجاليات السورية في الخارج.

فخطة الحكومة تتضمن حوافز تشجع السوريين في الشتات على العودة إلى الاستثمار في بلدهم، عبر ضمانات للودائع، وشفافية في إجراءات تحويل الأموال.

وبوابة بدء قطف ثمار هذه الخطة هو العودة إلى نظام سويفت.

وإذا نجح هذا المسار، فإن الاقتصاد السوري قد يجد مصدراً جديداً للدعم، خصوصاً في ظل شكوك لا تزال قائمة بشأن مدى رغبة المانحين الدوليين في تقديم تمويل مباشر.

في المحصلة، ما تحقق في بضعة أشهر يفوق ما كان متوقعاً من حكومة انتقالية وُلدت من قلب حرب أهلية.

فعلى عكس سيناريوهات الفوضى أو الانتقام، اختارت الإدارة الجديدة استراتيجية ثابتة في الاقتصاد: جذب المستثمرين، كسب ثقة الشركاء الدوليين، وتفكيك القيود القديمة على النشاط المالي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق