رغم تأكيد الجزائر صفقة اقتناء مقاتلات Su-57 الروسية، لتصبح أول زبون أجنبي لهذا الطراز من الجيل الخامس، يرى محللون عسكريون أن هذه الخطوة لن تضعف التفوق الجوي المغربي المتنامي، بل قد تؤكد أكثر من أي وقت مضى الفجوة المتزايدة بين الرؤيتين الاستراتيجيتين للبلدين الجارين في مجال التحديث العسكري.

وحسب ما كشفه محللون في منتدى IDEX الدولي الأخير في أبوظبي فإن النسخة التي تعاقدت عليها الجزائر، المعروفة باسم Su-57E، موجهة للتصدير، وتفتقر إلى العديد من القدرات الحساسة الموجودة في النسخة الأصلية التي يستخدمها الجيش الروسي، مثل أنظمة التخفي الكاملة، والتشويش الإلكتروني المتقدم، والتكامل الشبكي الحقيقي مع باقي الأنظمة، وهي عناصر تعد جوهرية لتحقيق الفاعلية القتالية الكاملة لطائرات الجيل الخامس.

في المقابل، يواصل المغرب تعزيز قوته الجوية بخطوات دقيقة ومدروسة، حيث ومنذ موافقة الولايات المتحدة في غشت 2020 على صفقة تزويد المملكة بـ24 مقاتلة F-16C/D من الجيل المتقدم Block 72، والمزودة بمحركات Pratt & Whitney F100-229، يعمل سلاح الجو المغربي بالتوازي على تحديث 23 طائرة F-16 قديمة إلى النسخة F-16V، التي تعتبر الأكثر تطورا ضمن هذا الطراز، عبر دمج رادار APG-83 من نوع AESA، ونظام الاستهداف الدقيق AN/AAQ-33، بالإضافة إلى أنظمة الحرب الإلكترونية المتقدمة من Terma وL3Harris.

وعلاوة على ذلك، فإن التكامل بين منصات القتال والمراقبة والاستخبارات أصبح عنصرا حاسما في التفوق المغربي، حيث أن طائرتا Gulfstream G550 ISR الجديدتان، المدمجتان بأنظمة إسرائيلية من شركة Elta، تعدان مركزا متقدما للقيادة الجوية، وهما الآن في طور التجهيز داخل منشآت L3 Systems في تكساس، كما أن المغرب يعزز قدراته الفضائية عبر أقمار تجسس إسرائيلية، ما يمنحه تفوقا نوعيا في مجال المراقبة والرصد الاستراتيجي، لا تملكه الجزائر حاليا.

ومن المرتقب أن يصل المغرب إلى قمة تفوقه الجوي في أفق 2035، حين يرجح أن يتسلم أولى دفعات مقاتلات F-35، بعد تفعيل المساعي التي بدأت بشكل غير رسمي خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقد أشارت مصادر مطلعة داخل IDEX إلى أن مسؤولين من شركة لوكهيد مارتن قدموا عرضا مفصلا لوفد عسكري مغربي حول قدرات هذه الطائرة الشبحية.

ويشير محللون غربيون إلى أن التفوق المغربي لا يكمن فقط في نوعية الطائرات، بل في النموذج الذي يعتمده، والمستوحى من معايير حلف الناتو في الدمج بين المنصات والتدريب والأنظمة المتصلة، بينما يواصل الجيش الجزائري الاعتماد على صفقات متنوعة المصدر، دون تكامل فعلي بين أركان قوته الجوية.

يشار إلى أن التحركات المغربية لا تحدث ضجيجا إعلاميا، لكنها تعكس استراتيجية عميقة تتجه نحو بناء قوة جوية متطورة، لا تكتفي بمجرد امتلاك طائرات حديثة، بل تركز على "المعركة الشبكية" الحديثة، حيث تلعب المعلومات والتكامل والتوقيت أدوارا لا تقل أهمية عن السلاح نفسه.