على مدى ثماني سنوات، عاشت مدينة كراسنوفيمسك الروسية ومحيطها تحت وطأة رعب متواصل، بعد العثور على جثث نساء مسنّات في منازلهن، وقد سُحقت جماجمهن بفأس أو مطرقة، وسط فوضى من الدماء والنار. لم يكن القاتل يسرق الكثير، بل بضع نقود، قبل أن يشعل النار لإخفاء آثار جريمته.

في البداية، ظنّ المحققون أنهم أمام قاتل متسلسل شرس، ربما رجل قويّ لا يرحم، لكن الصدمة كانت مدوّية حين تبيّن أن الجانية ليست سوى امرأة عادية تدعى إيرينا غايداماتشوك، في أواخر الثلاثينيات من عمرها، وأم لطفلين. لم تكن مصابة باضطراب نفسي، بل كانت تخدع ضحاياها بهدوء، متنكرة في هيئة موظفة رعاية اجتماعية، تطلب كوب ماء أو تعرض المساعدة، ثم تنهال عليهن بالضرب حتى الموت.

اعترفت إيرينا خلال التحقيق أنها كانت تتوقف عن العدّ بعد الجريمة العاشرة، وأنها كانت تبحث فقط عن المال لشراء الكحول، دون دافع سياسي أو حتى طمع حقيقي. في إحدى الجرائم، استخدمت تمثالاً صغيراً للينين لسحق جمجمة ضحيتها، في مشهد عبثي اختلط فيه العنف باللامبالاة التامة.

أثارت برودة إيرينا وابتسامتها أثناء الاستجواب دهشة المحققين، إذ حاولت حتى مغازلتهم أثناء التحقيق، ما دفع أحدهم للقول: "ظننا أن القاتل رجل متنكر، فلا شيء في مظهرها يوحي بكل هذا العنف".

وفي يونيو 2012، حُكم عليها بالسجن 20 عاماً بعد إدانتها بقتل 17 امرأة والشروع في قتل أخرى، لكن قصتها لا تزال محفورة في الذاكرة الروسية كرمز قاتم للطبيعة البشرية حين تفقد صلتها بأي وازع أخلاقي.