نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: لماذا يتعلم الأطفال اللغة أسرع من الذكاء الاصطناعي؟ اليوم السبت 5 يوليو 2025 01:25 مساءً
حتى مع القدرات المتقدمة للذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات، فإن الأطفال ما يزالون يتفوقون عليه بمراحل في تعلّم اللغة. ففي دراسة جديدة، أظهرت النتائج أن الأطفال لا يتلقون اللغة بالطريقة نفسها التي تتبعها الأنظمة الآلية؛ إذ يتعلمون من خلال الاستكشاف الحسي المتعدد، والتفاعل الاجتماعي، والدافع الذاتي للفضول. وتعلُّمهم للغة عملية نشطة ومترابطة بعمق مع تطورهم الحركي والمعرفي والعاطفي.
وهذه الرؤى التي توصل إليها الباحثون في هذه الدراسة لا تعيد فقط تشكيل فهمنا للتطور المعرفي خلال مراحل الطفولة المبكرة، بل قد تساعد أيضًا في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر شبهًا بالبشر في المستقبل.
تفاصيل الدراسة
حتى أذكى الآلات لا يمكنها مجاراة عقول الأطفال في تعلُّم اللغة. فلو كان الإنسان يتعلم اللغة بسرعة مماثلة لسرعة ChatGPT، لاحتاج الأمر إلى 92,000 عام. فحتى مع قدرة الآلات على معالجة كميات ضخمة من البيانات بسرعة عالية جدًا، فإنها تبقى متخلفة كثيرًا عن الأطفال عندما يتعلق الأمر باكتساب اللغة الطبيعية.
هذا ما أظهرته دراسة حديثة نُشرت في المجلة العلمية Trends in Cognitive Sciences، قدمت فيها البروفيسورة (Caroline Rowland) من معهد ماكس بلانك لعلم النفس اللغوي (Max Planck Institute for Psycholinguistics)، بالتعاون مع باحثين من مركز LuCiD في المملكة المتحدة، إطارًا نظريًا جديدًا يفسّر هذه القدرة الفريدة لدى الأطفال.
وشارك الباحثون نتائج جديدة تشرح كيف يحافظ الأطفال على هذا التفوق، ولماذا يُعدّ ذلك مهمًا. وقد اعتمد الباحثون على علوم الحاسوب واللغويات وعلم الأعصاب وعلم النفس، لشرح كيف تتحوّل المعلومات إلى لغة طليقة عند الأطفال، وتبيّن أن السر لا يكمن في كمية المعلومات التي يتلقاها الأطفال، بل في الطريقة التي يتعلمون بها من هذه المعلومات.
الأطفال و ChatGPT.. ما الفرق الأساسي في عملية التعلم؟
على عكس الآلات التي تتعلم بنحو أساسي من نصوص مكتوبة، يكتسب الأطفال اللغة من خلال عملية نشطة وديناميكية مرتبطة بنمو مهاراتهم الاجتماعية والمعرفية والحركية.
فهم يستخدمون جميع حواسهم – البصر والسمع والشم واللمس – لفهم العالم وبناء مهاراتهم اللغوية. وتوفر لهم البيئة المحيطة إشارات متعددة ومتزامنة تعزز قدرتهم على استيعاب اللغة.
والأهم من ذلك، أن الأطفال لا يجلسون في انتظار تعلُّم اللغة؛ بل يسعون دائمًا إلى استكشاف محيطهم، ويبحثون باستمرار عن فرص جديدة للتعلم.
تقول البروفيسورة (Caroline Rowland): “إن أنظمة الذكاء الاصطناعي تعالج البيانات، وأما الأطفال فيعيشونها”. وتضيف: “تعلمهم تفاعلي ومتأصل بعمق في السياقات الاجتماعية والحسية. إنهم يعدّلون تعلُّمهم باستمرار ويسعون وراء التجارب، كأن يلمسوا الأشياء بأيديهم، أو يزحفوا نحو ألعاب جديدة، أو يشيروا إلى أشياء تثير اهتمامهم، وهذا ما يُمكّنهم من إتقان اللغة بسرعة عالية”.
هذه الاكتشافات لا تُعيد فقط تشكيل فهمنا لكيفية نمو الطفل وتطوره الإدراكي والمعرفي، بل تمتد آثارها لتشمل الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ومعالجة اللغة لدى البالغين، وحتى تطوُّر اللغات البشرية بحد ذاتها.
وتقول البروفيسورة (Caroline Rowland): “بإمكان الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي أن يتعلموا الكثير من الأطفال. فإذا أردنا أن تتعلم الآلات اللغة كما يفعل البشر، ربما علينا إعادة التفكير في كيفية تصميمها من الأساس”.
ويهدف الباحثون من خلال هذه الدراسة إلى شرح كيفية بناء الأطفال لنظام لغوي متكامل؛ مما يساهم في تطوير الأبحاث المتعلقة بكيفية اكتساب اللغة، وله آثار واسعة في فهم تطور اللغة ومعالجتها لدى البالغين، وتصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تحاكي القدرة البشرية في فهم اللغات وتعلمها.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق