كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة إيتفوش لوراند في المجر أن ترك العقل يتجول خلال أداء مهام بسيطة لا يؤدي بالضرورة إلى تراجع الأداء، بل قد يعزز التعلم، ما يضع أحلام اليقظة في ضوء علمي جديد يخالف المفاهيم الشائعة بأنها مضيعة للوقت.

وقد ركزت الدراسة على تأثير شرود الذهن خلال مهمة تعلم احتمالية لا تتطلب تركيزاً عالياً، وشارك فيها 27 شاباً، حيث تم قياس نشاط أدمغتهم باستخدام تقنيات تخطيط كهربية الدماغ عالية الدقة. وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين سمحوا لعقولهم بالتجول أثناء أداء المهمة، تمكنوا من تحقيق نتائج تعلّم مماثلة لمن بقوا في حالة تركيز دائم.

وأوضحت البيانات أن حالات أحلام اليقظة ارتبطت بنشاط دماغي شبيه بحالة النوم، لكنها أسهمت في تعزيز القدرة على التعلم اللاواعي، خاصةً في المراحل المبكرة من التمرين. وقد وصف الباحثون هذه الظاهرة بأنها "راحة يقظة" تعيد تنظيم العمليات الذهنية بشكل فعّال.

وبحسب الباحث الرئيسي الدكتور بيتر سيمور، فقد جاءت فكرة الدراسة خلال جائحة كوفيد حين أُتيح للكثيرين وقت فراغ كبير جعلهم ينغمسون في تأملات ذهنية. وأضاف: "أردنا معرفة ما إذا كانت لحظات تجوال الذهن يمكن أن تُستخدم كوسيلة لتعزيز التعلم في مواقف لا تتطلب تركيزاً نشطاً".

وتشير هذه النتائج إلى أن أحلام اليقظة ليست مجرد ظاهرة ذهنية عابرة، بل قد تكون لها فوائد معرفية ملموسة، لاسيما في التعلم الاحتمالي غير الواعي. ويؤكد الباحثون أن إعادة النظر في كيفية استخدام العقل لفترات الراحة الذهنية قد تمهّد لمقاربات جديدة في تحسين أساليب التعليم والتدريب.