نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: م. سعيد المصري يقدّم تحليلا معمّقا لخطة سموتريتش: وضعها عام 2017 وبدأ تطبيقها في 2023 #عاجل - تليجراف الخليج اليوم الخميس الموافق 24 يوليو 2025 11:02 صباحاً
كتب المهندس سعيد المصري *
1. الأسس التاريخية والقانونية
خطة الإخضاع، التي وضعها بتسلئيل سموتريتش في عام 2017، كانت جزءًا من إطاره الأيديولوجي المستند إلى الصهيونية الدينية ومفهوم السيادة اليهودية الحصرية على أرض إسرائيل. قدمت الخطة إنذارًا ثلاثيًا للفلسطينيين: الخضوع للحكم اليهودي دون حقوق سياسية، أو الهجرة، أو الخضوع بالقوة. يتحدى هذا الإطار الإجماع الدولي بشأن حل الدولتين ويرفض أي شكل من أشكال السيادة الفلسطينية.
تتماشى أفكار سموتريتش مع الجهود التاريخية لحركات المستوطنين لترسيخ السيطرة على الضفة الغربية من خلال الضم غير المعلن، معتمدين على الأدوات البيروقراطية، وتطوير البنية التحتية، والتطبيق الانتقائي لقوانين التخطيط والبناء.
لم يتم اعتماد الخطة رسميًا كسياسة حكومية في عام 2017، لكنها خدمت كدليل استراتيجي للأحزاب اليمينية التي تسعى إلى تقويض إطار أوسلو وإعادة تشكيل السيطرة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة من خلال فرض وقائع طويلة الأمد على الأرض.
2. الانتهاكات القانونية الدولية
الضم دون منح الحقوق المدنية أو السياسية ينتهك عدة مبادئ في القانون الدولي. المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر على القوة المحتلة نقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها. كما يشكل فرض الإدارة المدنية الإسرائيلية دون منح الفلسطينيين حقوقهم ضمًا فعليًا ونظام فصل عنصري.
ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن 'الترحيل أو النقل القسري للسكان' يُعد جريمة حرب بموجب المادة 8(2)(ب)(8). علاوة على ذلك، فإن إنكار الحق في المشاركة في الشؤون العامة وقمع الهوية الوطنية قد يشكل اضطهادًا بموجب المادة 7 (جرائم ضد الإنسانية).
قد يشكل استخدام القوة المفرطة ضد السكان المدنيين الذين يقاومون الاحتلال انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف وجرائم ضد الإنسانية، خاصة عند اقترانه بالإفلات من العقاب والدعم المنهجي من قبل الجهات الحكومية.
3. التطبيق منذ عام 2023
في عام 2023، مُنح سموتريتش سلطة على الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية. نقل هذا القرار صلاحيات التخطيط وإدارة الأراضي من الإشراف العسكري إلى وزارة الدفاع المدنية التي يقودها سموتريتش. سمح هذا التحول الهيكلي بتنفيذ السياسات المدنية الهادفة إلى دمج أجزاء من الضفة الغربية داخل إسرائيل دون إعلان رسمي عن الضم.
تتمثل التداعيات في أن المؤسسات المدنية الإسرائيلية أصبحت الآن تصادق على البناء وتطوير الطرق والخدمات العامة في المستوطنات، بينما تظل المجتمعات الفلسطينية في المنطقة (ج) مهمشة وتواجه قيودًا صارمة على تصاريح البناء والخدمات الأساسية.
بين عامي 2023 و2025، قامت إسرائيل بإضفاء الشرعية على عشرات البؤر الاستيطانية ووافقت على آلاف الوحدات السكنية الجديدة. كما زادت وزارة المالية -التي يديرها أيضًا سموتريتش- تمويل تطوير الضفة الغربية بمليارات الشواقل.
تم إعلان أكثر من 2500 هكتار من أراضي الضفة الغربية كـ'أراضي دولة'، وهو تصنيف يُستخدم لتوسيع الاستيطان اليهودي ومنع استخدام الفلسطينيين لها. تم إعطاء الأولوية لمناطق مثل غور الأردن وتلال جنوب الخليل وممر (E1) للتوسع الاستراتيجي.
يرافق هذا التوسع تطوير البنية التحتية والطرق التي تربط المستوطنات النائية بالنواة الإسرائيلية، مما يخلق استمرارية إقليمية تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية متواصلة.
لقد كثف سموتريتش من سياسات التهجير البيروقراطي للمجتمعات الفلسطينية، خاصة في المنطقة (ج). وتشمل الأساليب: رفض تصاريح البناء، وهدم المنازل، وقيود على الوصول إلى المياه، والمضايقات المتعمدة من قبل الميليشيات الاستيطانية.
وثقت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان نمطًا من التهجير القسري من خلال التمييز المؤسسي، مما أدى إلى نزوح بطيء وثابت من المناطق الهشة.
تشبه هذه الممارسات -رغم تنفيذها إداريًا- الأهداف التي حددتها خطة 2017: تقليص الوجود الفلسطيني في المناطق الاستراتيجية من خلال وسائل قسرية دون الحاجة إلى طرد عسكري علني.
بعد هجمات 7 أكتوبر 2023، دعا سموتريتش إلى إنشاء وحدات دفاع ذاتي للمستوطنين في الضفة الغربية. تعمل هذه الميليشيات، رغم تغليفها بمسمى 'الحماية المدنية'، دون رقابة فعالة وقد شاركت في هجمات عنيفة ضد المدنيين الفلسطينيين.
قدمت الحكومة الإسرائيلية أسلحة وتمويلاً وتغطية قانونية لهذه الجماعات، مما أدى إلى خصخصة إنفاذ الأمن بطريقة تتماشى مع الركيزة الثالثة لخطة الإخضاع: قمع المقاومة الفلسطينية بعنف.
أدى هذا التسليح إلى تصاعد ملحوظ في عنف المستوطنين، حيث أبلغ المراقبون الدوليون عن مئات الهجمات، لا سيما خلال مواسم الحصاد والاحتجاجات.
أعلن سموتريتش وحلفاؤه السياسيون رفضهم الصريح لإقامة دولة فلسطينية، مؤكدين على ضرورة السيادة اليهودية من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.
تشير الرسائل المتكررة من القيادة الإسرائيلية منذ عام 2023 إلى تحول من الغموض إلى رؤية واضحة للسيطرة الدائمة والهندسة الديموغرافية.
دوليًا، أدى ذلك إلى تقويض الجهود الدبلوماسية وإثارة المخاوف بشأن مستقبل حل الدولتين، الذي يُعتبر الآن غير قابل للتطبيق سياسيًا من قبل العديد من المحللين الإسرائيليين والفلسطينيين.
4. الردود القانونية وردود الفعل الدولية
تجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا في الجرائم المزعومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2014. ورغم عدم توجيه تهم حتى الآن، فإن السياسات العامة لسموتريتش وتنفيذها قد تعرضه للمساءلة بموجب القانون الجنائي الدولي.
في يونيو 2025، فرضت دول غربية من بينها المملكة المتحدة وكندا حظر سفر على سموتريتش بسبب التحريض ودوره في عنف المستوطنين. تمثل هذه الخطوة توجهًا متزايدًا نحو استهداف الأفراد بدلًا من المؤسسات فقط.
وصف المقررون الخاصون للأمم المتحدة الوضع في الضفة الغربية بأنه نظام فصل عنصري واستعمار استيطاني ناشئ، داعين إلى مزيد من المساءلة القانونية والسياسية من المجتمع الدولي.
5. الخلاصة
لم تعد خطة الإخضاع مجرد أيديولوجيا هامشية، بل أصبحت إطارًا حاكمًا يشكل السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية. من خلال السيطرة الإدارية المدنية، والتوسع الاستيطاني السريع، والتهجير البيروقراطي للفلسطينيين، وتسليح المستوطنين، قام سموتريتش بتنفيذ مخططه لعام 2017.
تشكل هذه التطورات ضمًا فعليًا وتنتهك المعايير القانونية الدولية، مما أدى إلى دعوات للتحقيق وفرض العقوبات. ومع انهيار إطار حل الدولتين، على المجتمع الدولي أن يواجه حقيقة ظهور نظام واحد قائم على الهيمنة الإثنية والإقصاء الإقليمي.
* الكاتب وزير زراعة سابق
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق