في سابقة لم تشهدها لا دول الحصار ولا جمهوريات الموز، قررت بلديات جزائرية (بلدية الحروش بولاية سكيكدة نموذجا) تنظيم قرعة لتوزيع أضاحي عيد الأضحى على المواطنين. نعم، قرعة. كما لو أن المواطن الجزائري يتنافس على تذكرة سفر في مسابقة إذاعية، لا على إقامة شعيرة دينية مرتبطة بسنة إبراهيم الخليل.

وكما يتضح من خلال وثيقة رسمية متداولة، تحمل أختام الدولة الجزائرية، تدعو بلدية "الحروش" المواطنين لحضور عملية السحب العلني للحصول على "فرصة" لذبح أضحية. وكأن الكبش لم يعد شعيرة بل جائزة، ولم يعد الفقير يُكفى حاجته، بل يُجر إلى لعبة "حظك اليوم"، واحتمالاتها المفتوحة على "يا إما تربح وترجع عن وليداتك فرحان.. يا إما ترجع وتنسى شي حاجة سميتها العيد".

في سياق متصل، يرى عدد من المهتمين بالموضوع أن السبب الحقيقي وراء هذه الازمة التي تعيشها الجزائر قبيل العيد، هي تلك الوعود الشعبوية الكلاسيكية لرئيس الجمهورية "عبد المجيد تبون"، الذي خرج في وقت سابق متباهيًا بأنه سيستورد "مليون رأس غنم" للجزائريين "زكارة في المغرب" (يعني ضدا في المغرب)، بعد أن قرر الملك محمد السادس تعليق الأضاحي هذا العام مراعاةً لظروف الجفاف والأزمة الاجتماعية.

الفضيحة لا تقف هنا، بل تتجلى في تحويل الأضحية من شعيرة تعبدية إلى "غنيمة محتملة". المواطن الجزائري البسيط أصبح اليوم في حاجة إلى إذن من الحظ ليذبح، وكأن السماء لم تعد تُمطر إلا بعد إذن من لجنة تنظيم المسابقات!

الكاتب والصحفي الجزائري المعارض "وليد كبير"، شدد عبر تدوينة نشرها عبر حسابه الفيسبوكي على أنه مع نهاية شهر أبريل، لم تصل إلى بلاده إلا 92.090 رأس غنم، أي أقل من 10% من "المليون" الذي تعهد "تبون" باستيراده قبل العيد.

وعلق "كبير" على الموضوع ساخرًا: "طومبولا كبش العيد في عام البون! تبون استورد الغنم نكاية في الجيران، فكانت النتيجة أن الشعب يتسول الأضحية عبر القرعة. إنه فعلاً زمن السريالية السياسية."

في ظل كل هذا العبث، من حق الجزائري أن يتساءل: هل نحن في دولة تسير بمنطق العقل والدين… أم على نهج برامج الجوائز الرمضانية؟ عيدكم مبارك… لو فزتم في السحب!