نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: تطبيقات حقوق الإنسان في الممارسات الشرطية - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 2 مايو 2025 01:58 مساءً
النقاش المجتمعي والمؤسساتي. فالمعادلة التي يواجهها رجل الأمن يوميا بين تطبيق القانون بحزم وصرامة من جهة، واحترام الكرامة الإنسانية من جهة أخرى، تشكل تحديا حقيقيا يستدعي تأطيرا محكما وممارسة واعية.رحلات سياحية في المغرب
وكما أشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس في رسالته إلى المشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش سنة 2014: "إن مسار النهوض بحقوق الإنسان شاق وطويل، لأنه مسار نحو الكمال، مما يتطلب انخراطا جماعيا بإرادة لا تعرف الكلل".
الإطار القانوني للممارسات الشرطية:
لا يمكن فصل الممارسات الشرطية عن المنظومة القانونية المؤطرة لها، إذ يعتبر الدستور المغربي، باعتباره أسمى قانون في البلاد، مرجعية أساسية في هذا المجال. فقد خصص بابه الثاني بالكامل للحقوق والحريات الأساسية، ممتدا من الفصل 19 إلى الفصل 35، مما يؤكد الأهمية التي يوليها المشرع المغربي للبعد الحقوقي.
وعلى الصعيد الدولي، التزم المغرب بالعديد من الاتفاقيات والمعاهدات التي تشكل نواة صلبة لمنظومة حقوق الإنسان، نذكر منها:
- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965).
- اتفاقية مناهضة التعذيب (1984).
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966).رحلات سياحية في المغرب
- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990).
- الاتفاقية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (2006).
ويتعزز هذا البناء القانوني بنصوص وطنية تضبط العلاقة بين الشرطي والمواطن، خصوصا قانون المسطرة الجنائية والنظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني، التي تكرس ضمانات أساسية للأشخاص الموقوفين، مثل:
- إشعار المشتبه فيه بسبب توقيفه والتهم الموجهة إليه.
- حقه في الاتصال بمحامٍ وبأحد أقاربه.
- احترام الحق في الصمت.
- مراقبة أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية، وتجهيزها بكاميرات لضمان احترام كرامة الموقوفين.
بين العنف المشروع وحماية الحريات:
إن التحدي الحقيقي الذي يواجه الجهاز الشرطي يتمثل في موازنة دقيقة بين ضرورة اللجوء أحيانا إلى "العنف المشروع" وبين حماية الحريات الأساسية للمواطنين. فعندما يتعلق الأمر بشخص في حالة غير طبيعية، تحت تأثير المخدرات، ويهدد حياة المواطنين بسلاح أبيض، فإن تدخل الشرطي باستعمال القوة يصبح ضرورة مشروعة، شريطة أن يكون هذا التدخل متناسبا مع الخطر، ودون إفراط أو تعسف.
وينطبق الأمر ذاته على حالات فض التجمهرات غير المرخصة التي تتحول إلى أعمال شغب وتخريب. هنا، يتدخل رجل الأمن بحزم، وفق ضوابط قانون الحريات العامة، لإعادة النظام، مع الحرص على عدم المساس بحق التظاهر السلمي المكفول دستوريا.
مبادرات المديرية العامة للأمن الوطني:
سعيا منها لتحقيق هذا التوازن الدقيق، عملت المديرية العامة للأمن الوطني على تطوير منظومتها الحقوقية عبر سلسلة من المبادرات الهادفة، منها:
- توقيع اتفاقيات شراكة وتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
- تبني دليل مرجعي لحقوق الإنسان في الوظيفة الأمنية.
- اعتماد برامج تكوين مستمر لرجال ونساء الأمن في المجال الحقوقي.
- تضمين البعد الحقوقي في مناهج التكوين الشرطي.
الحكامة الأمنية كرهان مستقبلي:
إن حماية النظام العام وتحصين المكتسبات في دولة الحق والقانون يتطلب جهازا أمنيا قويا وفعالا، متأقلما مع التحولات المجتمعية العميقة، قائمًا على مبادئ الحكامة الأمنية الجيدة، وتبسيط المساطر، والقيام بالواجب بكل مسؤولية، واحترام الضمير المهني.
وبهذا المعنى، لم تعد حقوق الإنسان مجرد شعار في الخطاب الأمني، بل أصبحت واقعا يوميا يتجلى في الممارسة، تؤكده المؤشرات الوطنية والدولية. فلا أمن بدون حقوق، ولا حقوق بدون أمن.
إن معركة بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وخاصة المؤسسة الأمنية، هي مسؤولية جماعية، وركيزة أساسية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، تضع المواطن في صلب اهتماماتها، وتتناغم فيها متطلبات الأمن مع ضرورات احترام حوق الإنسان.
0 تعليق