الدبلوماسية السورية تنجح في تجنّب المحاور - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الدبلوماسية السورية تنجح في تجنّب المحاور - تليجراف الخليج اليوم الجمعة 30 مايو 2025 06:45 صباحاً

نجحت الدبلوماسية السورية، بعد أشهر من الجهود المركزة، وبدعم عربي غير مسبوق، في تحقيق اختراق مهم على مستوى العلاقات الإقليمية المتشابكة حول سوريا، ولا يتمثل هذا النجاح فقط في تحسين علاقات دمشق مع محيطها العربي، بل في تهدئة التنافس الحاد بين قوى تتنافس منذ سنوات داخل الأراضي السورية، كل منها يسعى لحماية مصالحه المتناقضة مع الآخر.

في الأشهر الأخيرة دخلت الدول العربية بقوة على خط الأزمة السورية، ليس فقط لاستعادة الدور العربي في سوريا، بل من أجل تقليص نفوذ التدخلات الخارجية غير العربية، التي أسهمت في إطالة أمد الأزمة.

وقد وجدت دمشق في هذا الانفتاح العربي فرصة لإعادة تموضعها السياسي، واستثمار الدعم العربي في إحداث توازن جديد يخفف من حدة الصراع الإقليمي على أراضيها.

وكان من أبرز المخاوف التي رصدت في الفترة الأخيرة احتمال وقوع صدام عسكري مباشر بين تركيا وإسرائيل داخل الأراضي السورية، نتيجة تداخل مصالحهما، وتعارض أهدافهما العسكرية، لا سيما في المناطق الوسطى والجنوبية، والتطور اللافت الذي برز مؤخراً، وكشفته تقارير إعلامية، هو وجود اتصالات غير علنية بين سوريا وإسرائيل، جرت على الأراضي التركية، وبرعاية مباشرة من الحكومة التركية نفسها.

وهذه اللقاءات التي لم ينفها أي طرف لم تكن مفاوضات سياسية بالمعنى التقليدي، بل نقاشات هدفت إلى وضع تفاهمات أولية، تمنع الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة، وتضمن نوعاً من التنسيق، أي تفادي الاصطدام خلال تنفيذ العمليات العسكرية للطرفين على الأرض السورية.

توافق جديد

ويُقرأ هذا التطور كونه جزءاً من التوافق الإقليمي الجديد على احتواء النزاعات في سوريا، فمجرد قبول الأطراف المعنية بالخوض في حوار ولو محدوداً وضيق النطاق، يعني أن هناك إدراكاً متبادلاً لخطورة استمرار التصعيد بلا ضوابط، وتتواءم هذه الخطوة مع النهج العربي العام، الذي يدفع نحو إعادة تأهيل سوريا إقليمياً، وحل الخلافات عبر الدبلوماسية، كما أنها تنسجم مع المصالح الدولية في تجنب نزاع إقليمي أوسع.

ما يكشفه هذا التطور هو أن هناك توافقاً إقليمياً مبدئياً ومفتوح الاحتمالات لكنه فعال، تدفعه الضرورة أكثر من الرغبة، من أجل تجنب انفجار شامل في سوريا، في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة حرجة من إعادة التموضع السياسي والتوازنات الجديدة.

وبالتالي أفادت الدبلوماسية السورية، التي كسبت الاعتراف الأمريكي بقوة الرعاية العربية، في ضبط المشهد الإقليمي في جوارها، في ظل تقاطعات مصالحها مع معظم الأطراف الفاعلة، فضلاً عن سعيها الدائم لمنع أي تصعيد قد يجرها إلى مواجهات.

تحقيق توازن

ويشير هذا التحول إلى مناخ مختلف عن السنوات السابقة، تتحرك فيه العواصم الفاعلة بخطى محسوبة، وتحاول من خلال تفاهمات ضمنية، وأحياناً علنية أن تبقي سوريا خارج دائرة المواجهات الكبرى، على الأقل في هذه المرحلة.

ومع استمرار الدعم العربي، وعودة دمشق التدريجية إلى محيطها تبقى الفرصة متاحة أمام سوريا لإعادة ترتيب علاقاتها، وتحقيق أكبر قدر ممكن من التوازن، بما يسمح لها باستعادة بعض زمام المبادرة في ملفات كانت طوال سنوات رهينة قرارات الخارج.

في المجمل استطاعت الدبلوماسية السورية المدعومة عربياً أن تحقق اختراقات ملموسة على صعيد تخفيف حدة الاستقطاب الإقليمي حول سوريا في اللحظة الراهنة، فعودة سوريا إلى الحضن العربي وزيادة التنسيق بين اللاعبين الإقليميين أحدثت فرملة للتدهور نحو صراعات مباشرة على الأرض السورية، ومن الممكن تحقيق تقدم فعلي في مسار الاستقرار الشامل لسوريا، بفضل هذا الزخم الدبلوماسي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق