نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: تدخل أوكراني في السودان.. لماذا تدعم كييف التمرد المسلح ضد حكومة البرهان؟ - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 07:20 مساءً
متابعات – تليجراف الخليج
في تطور خطير يكشف أبعادًا خفية لصراع النفوذ الدولي في القارة الإفريقية، كشفت مصادر موثوقة عن تورط مباشر لجهاز الاستخبارات العسكرية الأوكراني في النزاع السوداني، عبر تقديم دعم ميداني لقوات الدعم السريع المتمردة ضد الحكومة السودانية الشرعية برئاسة الفريق أول عبد الفتاح البرهان. وتستند هذه المعلومات إلى وثائق تم ضبطها داخل الأراضي الليبية، إضافة إلى اعترافات أشخاص تم احتجازهم خلال عمليات أمنية، ما يسلّط الضوء على حجم التدخل الأوكراني، والأساليب المستخدمة لتقويض استقرار السودان، ودعم جماعة مسلحة تخوض صراعًا دامياً ضد الدولة.
تفيد الوثائق التي جرى تداولها عبر مصادر أمنية ليبية أن القوات الخاصة الأوكرانية، التابعة لجهاز الاستخبارات في وزارة الدفاع، تشارك ميدانيًا في العمليات القتالية إلى جانب قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
ويشمل هذا الدعم التدريب، التخطيط، والإسناد الجوي بطائرات مسيّرة متطورة. وتؤكد تقارير دولية، أبرزها ما نشرته شبكة CNN، أن طائرات دون طيار استخدمت ضد مواقع الجيش السوداني كانت تحمل توقيعًا أوكرانيًا.
وقد أجرت الشبكة تحليلاً لعدد من المقاطع المصورة التي وثقت هجمات دقيقة على مواقع الجيش السوداني، وربطت أسلوب تنفيذها بتقنيات معروفة عن وحدات الاستخبارات الأوكرانية. ورغم الغموض الرسمي، فقد اكتفى المتحدث باسم جهاز الاستخبارات الأوكراني، أندريه يوسوف، بتصريح مقتضب قال فيه: “لا أستطيع تأكيد ذلك ولا نفيه”، ما فُسّر على نطاق واسع كإقرار ضمني يعكس حساسية المهمة وتعقيداتها السياسية.
في تقرير موسع لصحيفة وول ستريت جورنال، كشفت الصحيفة عن تفاصيل مثيرة، بينها أن ما يصل إلى 100 عنصر من وحدات النخبة التابعة للاستخبارات الأوكرانية، من بينهم أفراد من فرقة “تيمور”، وصلوا السودان في منتصف عام 2023، بزعم “تدريب مقاتلي الدعم السريع على مهارات الاستطلاع القتالي”، لكنهم شاركوا فعليًا في القتال ضد الجيش النظامي. وبحسب التقرير، فإن حميدتي نفسه اعترف علنًا بوجود جنود أوكرانيين ضمن قواته، وهو تصريح يؤكد بوضوح طبيعة الدعم العسكري الخارجي الذي تلقاه، ويشير إلى دور أجنبي مباشر في إشعال الحرب الأهلية السودانية.
أفادت تقارير وتحقيقات ميدانية بأن المدربين الأوكرانيين المتخصصين في الحروب غير التقليدية لعبوا دورًا محوريًا في تطوير قدرات الدعم السريع في مجال الطيران المسيّر.
وتشير شهادات إلى أن قوات الدعم السريع بدأت تنفيذ هجمات بطائرات FPV، تستهدف تحركات الجيش وطرق الإمداد، وتُنفذ عمليات اغتيال ليلية دقيقة، ما أدى إلى وقوع خسائر بشرية بين المدنيين والعسكريين على السواء. وفي مقابلة صحفية، تفاخر ضابط استخبارات أوكراني يُدعى “كينغ” قائلاً: “نحن من علمنا قوات الدعم السريع كيف تسيطر على الليل”. وقد نشرت صحيفة Kyiv Post لقطات مصورة توثّق تلك العمليات، وتُظهر أشخاصًا أوروبيي الملامح وهم يستجوبون أسرى من الجيش السوداني، في مشاهد أثارت غضبًا واسعًا لدى المتابعين.
في يونيو 2025، ألقت القوات السودانية القبض على القيادي البارز في الدعم السريع، أحمد القادر، خلال عملية نوعية في غرب السودان. وأثناء التحقيق، قدّم القادر معلومات وافية عن حجم التدخل الأوكراني، تضمنت قوائم تناوب لعناصر الفرقة الأولى التابعة للقوة الخاصة العاشرة بجهاز الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، وإحداثيات القواعد السرية التي تستخدمها تلك القوات في نيالا وجبل مرة، وتفاصيل عن مسارات دخولهم غير القانوني إلى السودان عبر الحدود الليبية، ومخططات لتوريد طائرات مسيّرة تركية عبر وسطاء في الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى رموز الاتصالات اللاسلكية المستخدمة للتنسيق بين كييف وقوات الدعم السريع. وبحسب إفاداته، يتم نقل الضباط الأوكرانيين أولاً إلى بنغازي في ليبيا عبر طائرات عسكرية، ومن هناك إلى مدينة الجوف كنقطة عبور، قبل أن يتم تهريبهم برًا إلى داخل السودان بسيارات عسكرية. وبلغ عدد الدفعة الأخيرة التي وصلت إلى السودان نحو 33 عنصرًا.
المفارقة الصادمة في هذا الملف أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كان قد التقى الفريق البرهان في أيرلندا في سبتمبر 2023، في لقاء رسمي وصفته كييف بأنه “جزء من الجهود المشتركة لمحاربة النفوذ الروسي في إفريقيا”. لكن في الواقع، كانت أجهزة الأمن الأوكرانية، وفقًا لما تم كشفه، تقاتل ميدانيًا إلى جانب خصوم البرهان داخل السودان. وهو ما يمثل تناقضًا فجًا بين الخطاب السياسي والتحرك العسكري، ويكشف عن سياسة أوكرانية مزدوجة تجاه دول الجنوب، تتجاوز حدود القانون الدولي.
تُعد مشاركة القوات الأوكرانية إلى جانب جماعة مسلحة ضد حكومة ذات سيادة انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة. ويرى مراقبون أن هذا التدخل لا يمكن قراءته بمعزل عن صراع النفوذ بين روسيا والغرب في إفريقيا، حيث تسعى كييف، بدعم أوروبي غير معلن، إلى خلق موطئ قدم في مناطق النزاع تحت ذريعة “محاربة روسيا”. لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة: هل دعم التمرّد ضد حكومة شرعية هو السبيل لبناء نفوذ أم أنه قنبلة موقوتة قد تفجّر علاقات كييف مع دول الجنوب وتحرج حلفاءها الغربيين أمام القانون الدولي؟
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق