في أول تصريح رسمي يعترف بحجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أن المنشآت النووية الإيرانية تعرضت لأضرار بالغة نتيجة ما وصفه بـ"الهجمات المتكررة" التي شنتها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل خلال الفترة الأخيرة من التصعيد العسكري بين الأطراف الثلاثة.

اعتراف رسمي بعد أسابيع من التكتم

وجاءت تصريحات بقائي خلال مقابلة تلفزيونية مع شبكة "الجزيرة" القطرية، حيث أكد أن حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النووية الإيرانية كان كبيرًا، مشيرًا إلى أن تلك المنشآت كانت هدفًا مباشراً لضربات عسكرية متواصلة من الجانب الإسرائيلي والأمريكي.

هذا التصريح يمثل تحولاً ملحوظًا في الموقف الرسمي الإيراني، إذ كانت طهران قد دأبت خلال الأيام الماضية على التقليل من حجم الأضرار، مكتفية بتأكيد صمود منشآتها وقدرتها على الاستمرار في العمل رغم الضغوط والهجمات.

تفاصيل الهجمات وتصاعد التوتر

وكانت إسرائيل والولايات المتحدة قد كثّفتا عملياتهما العسكرية ضد إيران على خلفية تصاعد التوتر في المنطقة، خصوصًا بعد الحرب الأخيرة التي اندلعت بين تل أبيب وطهران واستمرت لقرابة 12 يومًا، شهدت خلالها المنطقة تصعيدًا غير مسبوق، شمل ضربات جوية، عمليات كوماندوز، واغتيالات طالت شخصيات بارزة في المؤسستين العسكرية والعلمية الإيرانية.

التقارير الإسرائيلية والأمريكية تحدثت عن استهداف دقيق ومباشر لمنشآت البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك مواقع تخصيب اليورانيوم ومراكز الأبحاث النووية الحساسة، ما أدى إلى تعطيل جزئي للبنية التحتية الحيوية التي تعتمد عليها إيران في تطوير قدراتها النووية.

قلق دولي من مصير البرنامج النووي الإيراني

ويأتي هذا الاعتراف وسط قلق متزايد في الأوساط الدولية بشأن مصير البرنامج النووي الإيراني، وإمكانية أن يؤدي التصعيد العسكري إلى تسريع مساعي طهران لامتلاك سلاح نووي، وهو السيناريو الذي حذّر منه خبراء ودبلوماسيون غربيون في وقت سابق.

وتزايدت المخاوف بعد تصريحات عدد من القادة الإيرانيين، بينهم دبلوماسيون سابقون، أشاروا إلى أن طهران قد تلجأ إلى تطوير قنبلة نووية إذا شعرت بأن أمنها القومي أصبح مهددًا بشكل مباشر، خاصة في حال استمرار سياسة تغيير النظام التي يتهمون الولايات المتحدة وإسرائيل باتباعها.

المشهد الداخلي الإيراني يتفاعل

التصريحات الرسمية الأخيرة أثارت موجة تفاعل واسعة داخل إيران، خاصة أن حجم الخسائر المعلنة في المنشآت النووية يضع الحكومة تحت ضغوط شعبية وسياسية متزايدة، وسط مطالب بإعادة تقييم الاستراتيجية الدفاعية وتكثيف الإجراءات الأمنية لحماية المواقع الاستراتيجية.

في المقابل، أكدت مصادر إيرانية مطلعة أن الحكومة بصدد دراسة الخيارات المتاحة للرد على تلك الهجمات، سواء على الصعيد العسكري أو الدبلوماسي، في ظل دعوات من تيارات سياسية محافظة لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد ما وصفوه بـ"العدوان الأجنبي" المتواصل.

إسرائيل وواشنطن.. موقف واضح ورسائل قوية

من جهتها، لم تخفِ إسرائيل والولايات المتحدة نواياهما حيال البرنامج النووي الإيراني، إذ كرر كبار المسؤولين في تل أبيب وواشنطن التأكيد على أنهم لن يسمحوا لإيران بامتلاك سلاح نووي، معتبرين أن أي تقدم في هذا المجال يُشكل تهديدًا مباشرًا لأمن المنطقة والعالم.

وترافقت الضربات العسكرية مع حملات دبلوماسية مكثفة للضغط على إيران، بالتوازي مع تحركات استخباراتية استهدفت شخصيات ومواقع استراتيجية داخل العمق الإيراني، في إطار ما تعتبره إسرائيل "استراتيجية المواجهة الاستباقية".

إيران بين التهديدات والتفاوض

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى الغموض سيد الموقف حول الخطوات المقبلة التي قد تتخذها إيران، سواء في اتجاه التصعيد أو العودة إلى طاولة المفاوضات، خصوصًا أن الأوساط الدبلوماسية الغربية لا تزال ترى في الاتفاق النووي السبيل الوحيد لتفادي الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

وتؤكد مصادر أوروبية أن هناك محاولات مستمرة لإحياء مسار التفاوض بين طهران والقوى الكبرى، إلا أن تصاعد الأعمال العسكرية والتصريحات العدائية المتبادلة يُصعّب من فرص نجاح أي مبادرات دبلوماسية في المرحلة الراهنة.

خلاصة المشهد

إقرار إيران رسميًا بتضرر منشآتها النووية بشكل كبير يُشكل منعطفًا خطيرًا في الأزمة المتصاعدة مع إسرائيل والولايات المتحدة، ويؤشر إلى أن تداعيات الحرب الأخيرة لم تنتهِ بعد، بل قد تكون مقدمة لمرحلة أكثر تعقيدًا، تجمع بين الضغوط العسكرية والخيارات الدبلوماسية، وسط سباق محموم بين التهديدات والتسويات السياسية.

إيران، البرنامج النووي الإيراني، الضربات الأمريكية الإسرائيلية، منشآت نووية، إسماعيل بقائي، الحرب الإيرانية الإسرائيلية، تدمير المنشآت النووية، التصعيد في الشرق الأوسط، المفاوضات النووية، قنبلة نووية إيرانية، الهجمات على إيران، التوتر في الخليج، تل أبيب، الولايات المتحدة وإيران، الاتفاق النووي الإيراني