نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: عن انهيار البنايات في الاردن.. - تليجراف الخليج اليوم الأربعاء الموافق 9 يوليو 2025 03:41 مساءً
ِفي دولةٍ تنهار فيها، سنويًّا، بنايتانِ أو أكثَر، ليسَ بسببِ زلزالٍ مُباغِت، ولا حربٍ طاحِنة، بل نتيجةَ الفساد، والتّرخيصِ العشوائيّ، والبِناء خارجَ المعايير، يُصبِح صمتِ السُّلطة فعلًا لا يقلّ تأثيرًا، لا ماديًّا ولا معنويًّا، عن تأثيرِ هدم البُنى. فالدّمار الّذي تُخلِّفهُ قرارتٍ سياسيّة، أو لا مُبالاة مُمنهَجة، أمرٌ يستوجِب محاكمةً أخلاقيّة وقانونيّة.
الغريب، بل الصّادِم، أنّ هذا الواقِع لا يدفَع صانعي القَرار إلى إعادَة النَّظر في بِنيةِ الدَّولةِ التنفيذيّة، ورغمَ تكرار المآسي، ما زالَت البِلاد بلا وزارةٍ معنيّة، بشكلٍ دقيقٍ وتفصيليّ، كوزارَة الإسكان في أيّ دولة، بالتّخطيطِ العمرانيّ، ومُراقَبة تتفيذِ المشاريع، وضمان السلامة الإنشائيّة، وأيضًا، يكون لها دور واضِح وحقيقيّ، في منحِ المواطِن حقّ السَّكن الآمن كحقٍّ دستوريّ، لا كترفٍ أو صُدفة.
اليوم، وبعد هذه الحالات المُتكرِّرة مِن "انهِدام" البنايات، لا يُمكِن قبولَ أيّ تبريرٍ لغِيابِ مثل هذه الوِزارة، أو الإستِكانةَ لأيّ حُجّة: لا التقشُّفء ولا الكِفاية الفنيّة، ولا ازدِواجيّة الصلاحيّات. فالدّولةُ الّتي تحتَفِظ بعشراتِ الهيئات، وتعجّ بالصّناديقِ ذات الأسماء الرنّانة، والفاعِليّةِ االغائبة، قادِرة على أن تستحدِث/أو تُعيد الرّوح لهذه الوزارة الجوهريّة، الّتي تمسّ حياة النّاس من أساسها. وإنّ عدَم وجود هذه الوزارة في هذا السّياق، هو إصرارٌ على تركِ الملَف بيدِ المحسوبيّات، والبلديّاتِ المُتهالِكة، وتنازُع الصلاحيّات، وغياب التّخطيطِ الإستراتيجيّ.
إنَّ السَّكن ليسَ مُجرَّد مأوى، بل هو نُقطَة البِداية لكُلِّ إصلاحٍ حقيقيّ. فمَن لا يسكُن في بيتٍ آمن، لا يشعُر بالإنتِماء، ولا الإستقرار، ولا بالقُدرة على التّخطيط للمُستقبَل. فانهيار البِنايات في عُمقِه، ليسَ انهيارًا ماديًّأ فحَسب، بل رمزٌ لانهيارِ أولويّات الدَّولة، وقِيم المسؤوليّة، وثقافَة المُحاسَبة.
وأخيرًا، لا بُدّ من شُكرِ الأجهِزة الأمنيّة وجهاز الدّفاع المدنيّ، وجميع الجِهات المعنيّة الّتي تابعَت حادِثة "الإنهدام"، والّتي تمكّنت من انقاذِ أرواحٍ كانَت قريبة مِن أن تُدفَن تحتَ تُراب التُّراب والاسمنت المغشوشَين. لكن، بعد ذلك، علينا ألّا نكتَفي بلجانِ تحقيق، ولجانٍ هندسيّة مُتخصِّصة. ؛ وذلكَ لأنّنا بحاجَة ما هو أعمَق مِن ذلك، وأعمَق مِن حالَة التّرميم.، إنّنا نحتاج إلى إعادَة تعريف لمعنى "السُّلطة"، وجدوى وجودها.
نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.
0 تعليق