من القاهرة إلى العاصمة المدمرة.. قوافل العودة تُعيد تليجراف الخليج - تليجراف الخليج

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: من القاهرة إلى العاصمة المدمرة.. قوافل العودة تُعيد تليجراف الخليج - تليجراف الخليج اليوم الأحد 13 يوليو 2025 10:27 مساءً

متابعات- تليجراف الخليج

في مشهد يعكس إصرارًا لا يلين، بدأ السودانيون رحلة العودة إلى العاصمة الخرطوم بعد عامين من الحرب الطاحنة التي قلبت موازين الحياة وشتّتت السكان بين ولايات السودان المختلفة وخارج حدوده. لكن هذه العودة التي بدت للبعض كحلم بات قاب قوسين، اصطدمت بتحديات واقعية ترسم لوحة معقدة لمستقبل العاصمة.

واقع مأزوم وأحياء خاوية

العائدون إلى الخرطوم صُدموا بحجم الدمار الذي طال المدينة، خاصة قلبها التاريخي، حيث لا تزال أحياء بأكملها خاوية من ساكنيها، فيما تعاني الخدمات الأساسية من انهيار شبه كامل. ومع ذلك، قال الناطق الرسمي باسم حكومة ولاية الخرطوم، الطيب سعد الدين، إن “العودة جارية بوتيرة متسارعة”، مؤكدًا أن الحكومة لم تتمكن حتى الآن من حصر عدد العائدين بدقة نتيجة لتعدد المنافذ وغياب قاعدة بيانات شاملة، بحسب “الشرق”.

الأمن أولًا.. خطط عاجلة ولجان مشتركة

في ظل هذا الواقع، شددت حكومة الولاية على أهمية إعادة بسط الأمن كأولوية قصوى. ووفقًا للناطق الرسمي، فإن لجنة أمن الولاية تنعقد أسبوعيًا، بحضور كافة الأجهزة النظامية ووزير الداخلية، لمتابعة الخطط الأمنية التي تشمل الأطواف المشتركة والخلايا الأمنية ومراكز الشرطة المجتمعية.

ودعا سعد الدين السكان إلى التعاون مع الشرطة للحفاظ على النظام ومنع الانفلات في الأحياء، في وقت تشهد فيه بعض المناطق حالات من التعدي على الممتلكات العامة والخاصة نتيجة غياب الدولة لفترة طويلة.

شُحّ المياه.. رحلة يومية شاقة

أبرز التحديات اليومية التي يواجهها العائدون هي الحصول على المياه، خاصة في مناطق شرق النيل، حيث يصفها المواطنون بأنها “رحلة يومية مرهقة”. وبحسب المهندس محمد علي العجب، فإن هناك تشغيلًا تجريبيًا لمحطات مياه رئيسية مثل بحري وجبل أولياء والمقرن، لكنه ربط تحسّن الإمداد بتحسّن التغذية الكهربائية، التي لا تزال تعاني من انقطاعات متواصلة.

كهرباء باهظة أو منعدمة

في بعض الأحياء، لم يجد السكان سوى الطاقة الشمسية، التي تبرع بها أفراد من الخيرين، كوسيلة بديلة لإنارة منازلهم وشحن هواتفهم. وقال المواطن حسن، الذي أجّل عودته بسبب سوء الخدمات: “في منطقتي، كل شيء بثمن.. الماء، الكهرباء، وحتى شحن الهاتف، ولا قدرة لي على تركيب محطة طاقة شمسية”.

تحديات صحية تلوح في الأفق

ورغم النجاح في الحد من تفشي الكوليرا، فإن المخاوف تتزايد من حمى الضنك، وفق مدير إدارة الطوارئ ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة الدكتور منتصر عثمان، الذي أكد تسجيل حالات جديدة في محليات العاصمة، بالتزامن مع قرب دخول فصل الخريف.

وأشار عثمان إلى أن المستشفيات الطرفية تعمل بصورة جيدة، بينما لا تزال مستشفيات وسط الخرطوم خارج الخدمة بسبب حجم الدمار، وهو ما حمّل مستشفيات أم درمان عبئًا كبيرًا، باعتبارها الأكثر استقبالًا للحالات.

الجثث.. مأساة تحت الأنقاض

من أكبر التحديات الإنسانية التي خلفتها الحرب، كشف هيئة الطب العدلي في الولاية عن دفن نحو 3800 جثة كانت موزعة بين المنازل والساحات، وتحولت إلى ما يشبه المقابر الجماعية. وأوضح الناطق الرسمي أن الحكومة أصدرت توجيهات صارمة منذ أكثر من عام للتعامل مع هذه الأزمة، حفاظًا على الصحة العامة واحترامًا لكرامة الموتى وأسرهم.

وتتم عمليات الدفن بالتعاون مع جهات إنسانية وصحية، لضمان تنفيذها وفقًا للمعايير القانونية والشرعية.

العودة إلى العمل.. الأرض بدل الكراسي

في مؤسسات الحكومة، عادت بعض الدوائر إلى العمل بصعوبة. وتقول إحسان، وهي موظفة حكومية، إنهم افترشوا الأرض في أول أسبوعين بعد عودتهم بسبب نهب الأثاث، بينما تظل كلفة المواصلات المرتفعة أحد أسباب الغياب المتكرر.

نزاعات على المنازل.. غرباء يرفضون المغادرة

عند العودة إلى الأحياء، فوجئ بعض السكان بوجود غرباء في منازلهم، بعضهم يدّعي أنه نازح من منطقة مدمرة، وهو ما أدّى إلى نزاعات قانونية واجتماعية متفرقة. وفي هذا السياق، أكد المستشار القانوني مصعب صباحي أن القانون يجرّم التعدي على الممتلكات، وأن عودة المحاكم والشرطة إلى بعض المناطق فتحت باب التقاضي أمام المتضررين.

العودة رغم العتمة.. “بيتي ولو بلا كهرباء”

رغم كل هذه التحديات، يصرّ كثير من السودانيين على العودة إلى منازلهم، حتى وإن كانت من دون ماء أو كهرباء. وتقول إخلاص، التي عاشت رحلة نزوح بين عدة ولايات: “بيتي من غير كهرباء ولا مياه، لكنه بيتي”.

مشهد العودة يعكس إصرار السودانيين على التمسك بحقهم في مدينتهم، حتى وإن كان طريقهم مفروشًا بالأنقاض والتحديات. فالخرطوم، برغم الحرب والدمار، لا تزال حية في وجدان أهلها.

نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق