نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: المجلس الأعلى للرياضة.. تحديات الإصلاح تحت وطأة التدخلات السياسية - تليجراف الخليج اليوم الاثنين 12 مايو 2025 02:48 مساءً
تعيش المؤسسة التشريعية المغربية في هذه الأيام منعطفًا حاسمًا في مسار تطور الرياضة الوطنية، مع عرض مقترح قانون لإحداث المجلس الأعلى للرياضة. ; يأتي هذا المقترح في وقت حساس يشهد فيه القطاع الرياضي المغربي حالة من التشتت وعدم التنسيق بين مختلف الفاعلين الرياضيين، مما يعكس ضعفًا في الحكامة والتخطيط الاستراتيجي. المجلس الأعلى للرياضة يُعتبر خطوة نحو تنظيم هذا المجال وضمان تنسيق أفضل بين مختلف المؤسسات الرياضية. ورغم الأهمية الإستراتيجية لهذا المشروع، فإن الطريق نحو تنفيذه يواجه تحديات جسيمة، ليس فقط على مستوى التمويل والهيكلة، ولكن أيضًا على صعيد المقاومة السياسية التي قد تعوق فعاليته .
ورغم الأهمية الكبيرة لهذا المشروع في تعزيز القطاع الرياضي، فإنه يواجه العديد من التحديات، بما في ذلك المقاومة السياسية والمصالح المتشابكة التي قد تؤثر على فعاليته. كما أن تجربة بعض الدول التي أنشأت مجالس رياضية مشابهة قد تكون مصدر إلهام للمغرب، لكن في الوقت ذاته تطرح تساؤلات حول إمكانية تكرار بعض الصعوبات التي واجهتها تلك التجارب. وبالتالي، فإن نجاح المجلس الأعلى للرياضة في المغرب يتوقف على القدرة على تجاوز هذه العقبات، وضمان استقلالية وفاعلية هذا المجلس في تحسين واقع الرياضة المغربية
أولا : الواقع الرياضي في المغرب : بين الطموح والإخفاقات
المغرب، الذي يشهد على وقع انتصارات متفرقة وإخفاقات مستمرة في ميادين رياضية متعددة، يُلاحظ فيه غياب التنسيق المؤسسي بين مختلف الفاعلين الرياضيين. هذا التشتت يشكل أحد أبرز عوائق تطوير القطاع، ويعكس ضعف الحكامة الرياضية. في هذا السياق، يبرز المجلس الأعلى للرياضة كمؤسسة استشارية قد تكون ذات دور محوري في توحيد الرؤى ووضع سياسة رياضية واضحة تأخذ بعين الاعتبار جميع جوانب القطاع.
المجتمع الرياضي المغربي يتسم باختلال هيكلي، حيث تتداخل المصالح الشخصية مع المصالح العامة في أغلب الأحيان، مما يؤدي إلى تدبير غير شفاف وغير فعال للموارد المخصصة للرياضة. في ظل هذا الوضع، فإن أي محاولة لإدخال إصلاحات هيكلية تواجه مقاومة من بعض الأطراف التي تستفيد من الوضع القائم.
رغم أن المقترح يعد بمثابة خطوة نحو التنظيم، إلا أن صمته لم يكن عفويًا. فمما لا شك فيه، أن جزءًا كبيرًا من الصمت يمكن أن يُعزى إلى غياب الثقة في جدوى إنشاء مجالس عليا استشارية، حيث يعتقد البعض أن هذه المجالس غالبًا ما تظل مجرد كيانات شكلية لا تملك صلاحيات حقيقية. هذا التصور قد يكون متأثرًا بتجارب سابقة لمجالس استشارية لم تُحقق الأهداف المرجوة منها، مثل المجلس الوطني للرياضة في بعض الدول، حيث تبقى قراراته غالبًا دون تنفيذ.
إضافة إلى ذلك، فإن الملاحظات التي تطرح حول المجلس الأعلى للرياضة تشير إلى وجود تخوفات لدى الفاعلين الرياضيين من إعادة توزيع السلطة والنفوذ في المنظومة الرياضية. بعض الفاعلين يفضلون استمرار الوضع الحالي، حيث يمكنهم من الاستفادة من “الامتيازات” والمصالح الشخصية، وهو ما قد يؤدي إلى تعطيل أي إصلاح يهدد هذه الامتيازات.
ثانيا : التحديات الأساسية أمام تفعيل المجلس الأعلى للرياضة
• التمويل والاستدامة
التمويل يعد أحد التحديات الكبرى. فالمجلس سيحتاج إلى ميزانية ضخمة لتنفيذ مشاريع إستراتيجية، من بناء المنشآت الرياضية إلى تطوير البرامج التكوينية. دون ضمان تمويل مستدام، قد يظل المجلس عاجزًا عن تنفيذ خططه. يجب على المجلس أن يبحث عن مصادر تمويل متنوعة، تشمل القطاعين العام والخاص.
• المقاومة السياسية
في بعض الأحيان، قد يتعارض الإصلاح الرياضي مع مصالح سياسيين أو مجموعات ضغط، الذين يفضلون الحفاظ على النظام القائم الذي يخدم مصالحهم الشخصية أو الجماعية. من المهم أن يتم تفعيل المجلس الأعلى للرياضة ضمن إطار من التوافق السياسي والهيكلي، لتجنب التدخلات التي قد تفرغ المجلس من فعاليته.
• ضعف التنسيق بين الهيئات الرياضية
العديد من الاتحادات الرياضية لا تتعاون بشكل فعال مع بعضها البعض، مما يعرقل أي تنسيق على المستوى الوطني. هذا التباين في التدبير يشكل عقبة أمام تحقيق رؤية موحدة للرياضة في المغرب. المجلس الأعلى للرياضة، إذا توفرت له الصلاحيات اللازمة، قد يكون الآلية التي تنظم وتوجه هذه الجهود لتحقيق تنمية رياضية شاملة.
ثالثا : دراسة مقارنة للتجربة الإسبانية
لنأخذ تجربة المجلس الأعلى للرياضة الإسباني كمثال. هذا المجلس يعد من الركائز الأساسية للرياضة الإسبانية، حيث يُعنى بتنظيم توزيع الميزانيات، ووضع السياسات العامة للرياضة، وضمان حسن تدبير الموارد. كما يقوم بتنسيق العلاقة بين الدولة والاتحادات الرياضية. ورغم نجاحه في العديد من المجالات، فإنه واجه أيضًا تحديات عديدة، خاصة على المستوى السياسي، حيث حاول البعض استخدامه كأداة لتحقيق مصالح سياسية. إلا أن هذه التجربة تُعتبر نموذجًا يمكن الاستفادة منه في المغرب، خصوصًا في ما يتعلق بتنسيق الجهود بين الفاعلين المختلفين في القطاع الرياضي.
ويظل إحداث المجلس الأعلى للرياضة في المغرب ليس مجرد خطوة تشريعية، بل هو ضرورة إستراتيجية لتطوير قطاع رياضي يعاني من التشتت وعدم التنسيق. بيد أن نجاح هذه المبادرة يتوقف على تجاوز عدة تحديات، من بينها مقاومة التغيير، ضعف التنسيق، والمصالح الشخصية. إذا تم تجاوز هذه التحديات، فإن المجلس يمكن أن يكون أداة فعالة للإصلاح الرياضي في المغرب، وتحقيق طموحات المملكة على الصعيد الدولي …
0 تعليق